عنّا ، إلاّ أنّ العلم بوجوبه من باب المقدّمة ليس محجوبا عنّا ، ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدّمة ، كما لا تنافي بين عدم الوجوب النفسي واقعا وثبوت الوجوب الغيري كذلك.

واعلم : أنّ المحقّق القمّي رحمه‌الله ، بعد ما حكى عن المحقّق الخوانساري الميل إلى وجوب الاحتياط في مثل الظهر والجمعة والقصر والإتمام (١) ، قال :

كلام المحقّق القمّي في عدم وجوب الاحتياط في المسألة

إنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ؛ فإنّ التكليف بالمجمل المحتمل لأفراد متعدّدة ـ بإرادة فرد معيّن عند الشارع مجهول عند المخاطب ـ مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة الذي اتّفق أهل العدل على استحالته ، وكلّ ما يدّعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه ؛ إذ غاية ما يسلّم في القصر والإتمام والظهر والجمعة وأمثالها : أنّ الإجماع وقع على أنّ من ترك الأمرين بأن لا يفعل شيئا منهما يستحقّ العقاب ، لا أنّ من ترك أحدهما المعيّن عند الشارع المبهم عندنا بأن ترك فعلهما مجتمعين ، يستحقّ العقاب.

ونظير ذلك : مطلق التكليف بالأحكام الشرعيّة ، سيّما في أمثال زماننا على مذهب أهل الحقّ من التخطئة ، فإنّ التحقيق : أنّ الذي ثبت علينا بالدليل هو تحصيل ما يمكننا تحصيله من الأدلّة الظنّية ، لا تحصيل الحكم النفس الأمريّ في كلّ واقعة ؛ ولذا لم نقل بوجوب الاحتياط وترك العمل بالظنّ الاجتهاديّ من أوّل الأمر.

__________________

(١) انظر مشارق الشموس : ٢٨٢.

۵۰۴۱