الواجب أيضا مفسدة ؛ وإلاّ لم يصلح للإلزام ؛ إذ مجرّد فوات (١) المنفعة عن الشخص وكون حاله بعد الفوت كحاله فيما قبل الفوت (٢) ، لا يصلح وجها لإلزام شيء على المكلّف ما لم يبلغ حدّا يكون في فواته مفسدة ؛ وإلاّ لكان أصغر المحرّمات أعظم من ترك أهمّ الفرائض ، مع أنّه جعل ترك الصلاة أكبر الكبائر (٣).
وبما ذكر يبطل قياس ما نحن فيه على دوران الأمر بين فوت المنفعة الدنيويّة وترتّب المضرّة الدنيويّة ؛ فإنّ فوات النفع من حيث هو نفع لا يوجب ضررا.
وأمّا الأخبار الدالّة على التوقّف ، فظاهرة في ما لا يحتمل الضرر في تركه ، كما لا يخفى.
وظاهر كلام السيّد الشارح للوافية : جريان أخبار الاحتياط أيضا في المقام (٤) ، وهو بعيد.
وأمّا قاعدة «الاحتياط عند الشكّ في التخيير والتعيين» فغير جار في أمثال المقام ممّا يكون الحاكم فيه العقل ؛ فإنّ العقل إمّا أن يستقلّ بالتخيير وإمّا أن يستقلّ بالتعيين (٥) ، فليس في المقام شكّ على كلّ تقدير ، وإنّما الشكّ في الأحكام التوقيفيّة التي لا يدركها العقل.
__________________
(١) في (ر) و (ظ): «فوت».
(٢) في (ص) و (ظ) ونسخة بدل (ت) بدل «الفوت» : «الوجوب عليه».
(٣) انظر الوسائل ٣ : ١٥ ـ ١٩ ، الباب ٦ و ٧ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
(٤) شرح الوافية (مخطوط) : ٢٩٩.
(٥) العبارة في (ظ) هكذا : «فإنّ العقل إمّا أن يستقلّ بترجيح جانب الحرمة وإمّا أن يستقلّ بالتخيير».