وقد تواتر عنهم عليهم‌السلام وجوب التوقّف في ما لم يعلم حكمها ، معلّلين : بأنّه بعد أن كملت الشريعة لا تخلو واقعة عن حكم قطعيّ وارد من الله تعالى ، وبأنّ من حكم بغير ما أنزل الله تعالى فاولئك هم الكافرون.

ثمّ أقول : هذا المقام ممّا زلّت فيه أقدام أقوام من فحول العلماء ، فحريّ بنا أن نحقّق المقام ونوضّحه بتوفيق الملك العلاّم ودلالة أهل الذكر عليهم‌السلام ، فنقول : التمسّك بالبراءة الأصليّة إنّما يتمّ عند الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح الذاتيّين ، وكذلك عند من يقول بهما ولا يقول بالحرمة والوجوب الذاتيّين ، كما هو المستفاد من كلامهم عليهم‌السلام ، وهو الحقّ عندي.

ثمّ على هذين المذهبين إنّما يتمّ قبل إكمال الدين لا بعده ، إلاّ على مذهب من جوّز من العامّة خلوّ الواقعة عن حكم وارد من الله تعالى.

لا يقال : بقي هنا أصل آخر ، وهو أن يكون الخطاب الذي ورد من الله تعالى موافقا للبراءة الأصليّة.

لأنّا نقول : هذا الكلام ممّا لا يرضى به لبيب ؛ لأنّ خطابه تعالى تابع للحكم والمصالح ، ومقتضيات الحكم والمصالح مختلفة.

إلى أن قال :

هذا الكلام ممّا لا يرتاب في قبحه ، نظير أن يقال : الأصل في الأجسام تساوي نسبة طبائعها إلى جهة السفل والعلوّ ، ومن المعلوم بطلان هذا المقال.

ثمّ أقول : الحديث المتواتر بين الفريقين المشتمل على حصر الامور

۵۰۴۱