وإذا تأمّلت في ما ذكرنا عرفت مواقع النظر في كلامه المتقدّم ، فلا نطيل بتفصيلها.
محصّل ما ذكرنا
ومحصّل ما ذكرنا : أنّ الفعل الصادر من الجاهل باق على حكمه الواقعيّ التكليفيّ والوضعيّ ، فإذا لحقه العلم أو الظنّ الاجتهاديّ أو التقليد ، كان هذا الطريق كاشفا حقيقيّا أو جعليّا عن حاله حين الصدور ، فيعمل بمقتضى ما انكشف.
بل حقّقنا في مباحث الاجتهاد والتقليد : أنّ الفعل الصادر من المجتهد أو المقلّد أيضا باق على حكمه الواقعيّ (١) ، فإذا لحقه اجتهاد مخالف للسابق كان كاشفا عن حاله حين الصدور ، فيعمل بمقتضى ما انكشف ، خلافا لجماعة (٢) حيث تخيّلوا أنّ الفعل الصادر عن الاجتهاد أو التقليد (٣) إذا كان مبنيّا على الدوام واستمرار الآثار ـ كالزوجيّة والملكيّة ـ لا يؤثّر فيه الاجتهاد اللاحق. وتمام الكلام في محلّه.
وربما يتوهّم الفساد في معاملة الجاهل ؛ من حيث الشكّ في ترتّب الأثر على ما يوقعه ، فلا يتأتّى منه قصد الإنشاء في العقود والإيقاعات.
وفيه : أنّ قصد الإنشاء إنّما يحصل بقصد تحقّق مضمون الصيغة ـ وهو الانتقال في البيع والزوجيّة في النكاح ـ ، وهذا يحصل مع القطع بالفساد شرعا ، فضلا عن الشكّ فيه ؛ ألا ترى : أنّ الناس يقصدون
__________________
(١) انظر رسالة «التقليد» للمصنّف : ٨٠.
(٢) منهم المحقّق القمّي في القوانين ٢ : ٢٤٨ ، وصاحب الفصول في الفصول : ٤٠٩ ـ ٤١٠.
(٣) في (ت) و (ظ): «عن اجتهاد أو تقليد».