الشرطيّة والجزئيّة ؛ فلأنّ المانع من إجراء البراءة عن اللزوم الغيريّ في كلّ من الفعل والترك ليس إلاّ لزوم المخالفة القطعيّة ، وهي غير قادحة ؛ لأنّها لا يتعلّق (١) بالعمل ؛ لأنّ واحدا من فعل ذلك الشيء وتركه ضروريّ مع العبادة ، فلا يلزم من العمل بالأصل في كليهما معصية متيقّنة ، كما كان يلزم في طرح المتباينين كالظهر والجمعة.
وبتقرير آخر : إذا أتى بالعبادة مع واحد منهما قبح العقاب من جهة اعتبار الآخر في الواقع لو كان معتبرا ؛ لعدم الدليل عليه ، وقبح المؤاخذة من دون بيان ، فالأجزاء المعلومة ممّا يعلم كون تركها منشأ للعقاب ، وأمّا هذا المردّد بين الفعل والترك فلا يصحّ استناد العقاب إليه ؛ لعدم العلم به ، وتركهما جميعا غير ممكن حتّى يقال : إنّ العقاب على تركهما معا ثابت ، فلا وجه لنفيه عن كلّ منهما.
وأمّا بناء على وجوب الاحتياط عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ؛ فلأنّ وجوب الاحتياط فرع بقاء وجوب الشرط الواقعيّ المردّد بين الفعل والترك ، وإيجابه مع الجهل مستلزم لإلغاء شرطيّة الجزم بالنيّة واقتران الواجب الواقعيّ بنيّة الإطاعة به بالخصوص مع التمكّن ، فيدور الأمر بين مراعاة ذلك الشرط المردّد ، وبين مراعاة شرط الجزم بالنيّة.
وبالجملة : فعدم وجوب الاحتياط في المقام ؛ لمنع اعتبار ذلك الأمر المردّد بين الفعل والترك في العبادة واقعا في المقام ـ نظير القول بعدم وجوب الاحتياط بالصلاة مع اشتباه القبلة ، لمنع شرطيّة الاستقبال مع الجهل ـ لا لعدم وجوب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به.
__________________
(١) كذا في النسخ ، والمناسب : «لا تتعلّق».