«ضيّق فم الركيّة» ، يعني أحدثه ضيّقا ، لا أحدث فيه الضيق بعد السعة.

والآية بهذا المعنى نهي عن إتيان الأعمال مقارنة للوجوه المانعة عن صحّتها ، أو فاقدة للامور المقتضية للصحّة.

والنهي على هذين الوجهين ظاهره الإرشاد ؛ إذ لا يترتّب على إحداث البطلان في العمل أو إيجاده باطلا عدا فوت مصلحة العمل الصحيح.

الثالث : أن يراد من إبطال العمل قطعه ورفع اليد عنه ، كقطع الصلاة والصوم والحجّ. وقد اشتهر التمسّك لحرمة قطع العمل بها.

ويمكن إرجاع هذا إلى المعنى الأوّل ، بأن يراد من الأعمال ما يعمّ الجزء المتقدّم من العمل ؛ لأنّه أيضا عمل لغة ، وقد وجد على وجه قابل لترتّب الأثر (١) وصيرورته جزءا فعليّا للمركّب ، فلا يجوز جعله باطلا ساقطا عن قابليّة كونه جزءا فعليّا.

فجعل هذا المعنى مغايرا للأوّل مبنيّ على كون المراد من العمل مجموع المركّب الذي وقع الإبطال في أثنائه.

وكيف كان : فالمعنى الأوّل أظهر ؛ لكونه المعنى الحقيقيّ ، ولموافقته لمعنى الإبطال في الآية الاخرى المتقدّمة (٢) ، ومناسبته لما قبله من قوله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا

__________________

(١) في (ص) زيادة : «عليه».

(٢) أي : ﴿وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ.

۵۰۴۱