الأقلّ والأكثر بالاستصحاب لا يجدي ؛ بعد فرض كون وجود المتيقّن قبل الشكّ غير مجد في الاحتياط.
نعم ، لو قلنا بالأصل المثبت ، وأنّ استصحاب الاشتغال بعد الإتيان بالأقلّ يثبت كون الواجب هو الأكثر فيجب الإتيان به ، أمكن الاستدلال بالاستصحاب.
لكن يمكن أن يقال : إنّا نفينا في الزمان السابق وجوب الأكثر ؛ لقبح المؤاخذة (١) من دون بيان ، فتعيّن الاشتغال بالأقلّ ، فهو منفيّ في الزمان السابق ، فكيف يثبت في الزمان اللاحق؟
وأمّا الثاني ، فهو حاصل الدليل المتقدّم في المتباينين المتوهّم جريانه في المقام ، وقد عرفت الجواب (٢) ، وأنّ الاشتغال اليقينيّ إنّما هو بالأقلّ ، وغيره مشكوك فيه (٣).
وأمّا الثالث ، ففيه : أنّ مقتضى الاشتراك كون الغائبين والحاضرين على نهج واحد مع كونهما في العلم والجهل على صفة واحدة ، ولا ريب أنّ وجوب الاحتياط على الجاهل من الحاضرين فيما نحن فيه عين الدعوى.
وأمّا الرابع ، فلأنّ وجوب المقدّمة فرع وجوب ذي المقدّمة ، وهو الأمر المتردّد (٤) بين الأقلّ والأكثر ، وقد تقدّم (٥) : أنّ وجوب المعلوم
__________________
(١) في (ظ) بدل «المؤاخذة» : «العقاب».
(٢) في (ص) زيادة : «عنه».
(٣) راجع الصفحة ٣٢١ ـ ٣٢٣.
(٤) في (ت): «المردّد».
(٥) راجع الصفحة ٣٢٢ ـ ٣٢٣.