ثانيهما : أنها عدّت غسل الجمعة مع غسل الفطر والأضحى غير الواجبين فتدل على أنه مستحب غير واجب أيضاً. وبهذين الوجهين نبني على استحباب غسل الجمعة ونستكشف أن المراد بالوجوب الوارد في الأخبار المتقدمة هو الثبوت ، وأن المراد من الأمر به أو من قوله : « عليه الغسل » هو الاستحباب.

لكن يرد على الوجه الأوّل أن السنة في الصحيحة إنما هو في قبال الفريضة لا في قبال الواجب ، ومعنى السنة المقابلة للفريضة أنها مما أوجبها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والفريضة ما أوجبها الله في كتابه. ومن هنا ورد أن الركوع والسجود فريضة وأن التشهد والقراءة سنّة ، ومنه ما دل على أن غسل الميِّت أو مسه سنّة وغسل الجنابة فريضة ، فلا دلالة لها على الاستحباب بوجه.

ويرد على الوجه الثاني إشكال ظاهر وهو أن عد غسل الجمعة مع الغسلين المستحبين لا يدل على استحبابه ، إذ يمكن أن يذكر الواجب والمستحب معاً.

ومنها : ما عن سعد عن أحمد بن محمد عن القاسم عن علي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن غسل العيدين أواجب هو؟ قال : هو سنّة ، قلت : فالجمعة؟ قال : هو سنّة » (١).

ولا إشكال في دلالتها على استحبابه ، حيث صرحت بكونه سنّة ، وهي في قبال الواجب فتدل على جواز تركه. إلاّ أنها ضعيفة السند ، لأن الظاهر أن القاسم الواقع في سندها هو القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد مولى المنصور ، الضعيف ، كما أن الظاهر أن عليّاً الواقع في آخر السند هو علي بن أبي حمزة البطائني المتهم الكذاب على ما ذكره ابن فضال (٢).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣١٤ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٢.

(٢) رجال الكشي : ٤٠٣. والظاهر أن القاسم في الرواية هو قاسم بن محمد الجوهري الراوي عن علي بن أبي حمزة البطائني ، وهو وإن وثقناه سابقاً لوجوده في أسناد كامل الزيارات مطابقاً لمسلك السيد الأُستاذ ( دام ظله ) ولكن لا بدّ من الانتباه إلى أمر وهو أن نظره الشريف ( دام ظله )

۴۴۸