ذكرنا أنّ الطائفة الأُولى ليست مطلقة من هذه الجهة ليكون هذا حملاً للمطلق على الفرد النادر ، بل إنّما استفيد منها أنّ التيمّم في أوّل الوقت مشروع في الجملة ، وليكن هذا هو صورة القطع بعدم الوجدان ثمّ الوجدان بعده ، ومعه لا بأس بهذا الحمل جمعاً بين الطائفتين ، هذا.

على أنّا لو سلمنا إطلاق الطائفة الأُولى حتّى من هذه الجهة وأنّها بصدد بيان أنّ التيمّم مشروع في أوّل الوقت مطلقاً لم يكن فيما ذكرناه من الحمل بأس أيضاً ، وذلك لأنّ النسبة بينها وبين الطائفة الثّانية عموم مطلق ، لدلالة الثّانية على عدم مشروعيّته عند احتمال وجدان الماء إلى آخر الوقت.

وبه يظهر أن مورد الطائفة الأُولى هي صورة القطع بعدم الوجدان ثمّ وجدان الماء بعد ذلك فهي مطلقة قليلة الأفراد ، ولا مانع من كون المطلق نادر الأفراد أو قليلها كما لو ورد أن ذا الرأسين حكمه كذا وكذا ، مع أنّه لا يوجد إلاّ نادراً ، وهذا غير حمل المطلق على الفرد النادر المستهجن.

على أن موردها ليس بنادر كما ادعي ، بل لها موردان :

أحدهما : ما إذا قطع بعدم الوجدان ثمّ وجدانه قبل انقضاء الوقت.

وثانيهما : ما إذا خاف فوت الوقت فتيمّم وصلّى ثمّ انكشف بقاء الوقت ، لأنّ الأخبار الدالّة على أنّه لا يعيد صلاته أو يعيدها شاملة لهذه الصورة أيضاً ، حيث إنّا لو قلنا بوجوب تأخير التيمّم لا يراد منه التأخير العقلي على نحو يكون « ميم » السلام عليكم مقارناً للغروب ، بل المراد هو أن تكون الصلاة في آخر الوقت عرفاً.

مثلاً إذا آخر التيمّم بحيث خاف فوات الوقت فتيمّم وصلّى ثمّ ظهر أنّ الوقت باقٍ بمقدار ربع ساعة مثلاً صحّ تيممه بمقتضى الأخبار المتقدمة ، لأنّه أخّر تيممه عرفاً. فتبيّن أنّ للطائفة الأُولى موردين :

أحدهما : صورة القطع بعدم الوجدان ثمّ وجدانه.

وثانيهما : صورة اعتقاد الفوت أو خوفه وظهور بقاء الوقت. فلا يكون حمل‌

۴۴۸