الأخبار عليهما من الحمل على الفرد النادر المستهجن.

والمتحصل من ذلك هو التفصيل في الصورة المذكورة بين احتمال وجدان الماء قبل انقضاء الوقت وبين القطع بعدم وجدانه ثمّ يجد الماء ، بأن يقال بالجواز في الثّاني وبعدم الجواز في الأوّل ، لما قدّمناه من أنّ الطائفة الأُولى ليست بصدد البيان من جهة التيمّم وإنّما تدل على صحّة الصلاة الواقعة بالتيمّم المفروض صحّته أو عدمها ، وأمّا أنّ التيمّم صحيح في أي صورة فلا تعرّض لها في تلكم الأخبار ، فلتحمل على صورة القطع واليأس من وجدان الماء ، والطائفة الثّانية تحمل على صورة رجاء الوجدان كما هو موردها ، هذا.

وقد يقال : إنّما يتم هذا في غير صحيحة الحلبي ، وأمّا هي فلا مجال لإنكار إطلاقها من جهة التيمّم ، حيث روى علي الحلبي « أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل إذا أجنب ولم يجد الماء ، قال : يتيمّم بالصعيد فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة » (١) لأنّها بصدد بيان أنّه يتيمّم حينئذ وبعد ما وجد الماء يغتسل ولكن لا يعيد صلاته فلا مانع من التمسّك بإطلاقها ، فلا مجال لحملها على صورة القطع أو اليأس عن وجدان الماء.

وفيه : أنّ الاستدلال بالصحيحة ليس في محلِّه ، وذلك من جهتين :

إحداهما : أنّ المفروض فيها أنّ المكلّف لم يجد الماء فتيمّم ، وهذا إنّما يكون فيما إذا قطع بعدم وجدان الماء أو اليأس عن وجدانه حتّى انقضاء الوقت ، وإلاّ فعدم الوجدان في ساعة أو بالنسبة إلى فرد ليس مصححاً للتيمم بوجه ، لما سبق وعرفت من أنّ المسوغ للتيمم عدم وجدان الماء بالنسبة إلى الطبيعي المأمور به وهو الجامع بين المبدأ والمنتهى لا الأفراد ، وإلاّ جاز التيمّم في حق كل شخص ، لصدق عدم وجدان الماء بالنسبة إلى الفرد الّذي يريد أن يوقعه في الدار أو السرداب ولا ماء عنده هناك.

وثانيتهما : لم يفرض في الرواية أنّه وجد الماء في أثناء الوقت ، بل دلّت على أنّه‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٦٦ / أبواب التيمّم ب ١٤ ح ١.

۴۴۸