أبواب الأغسال المسنونة ، حيث اشتملت على قوله عليه‌السلام : « وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال » وهو كناية عن عدم كونه بعد الزوال سواء كان قبله أم مقارناً للزوال ، وإنما بيّن خصوص الغسل قبله دون المقارن للغلبة ، فإن الغالب أن يغتسل قبل الزوال أو بعده ، وأما الاغتسال بنحو يكون آخره مقارناً للزوال فهو نادر بعيد. وكيف كان ، فتدل على أنه بعد الزوال قضاء لا محالة.

وفيه : أن الظاهر من الصحيحة أن أمره عليه‌السلام بذلك إنما هو من جهة كونه مقدمة للأُمور التي ذكرها بعده كقوله : « فاذا زالت فقم ... ». ولا إشكال في أفضلية قرب الزوال ، وليست الصحيحة بصدد بيان أن الغسل بعد الزوال قضاء.

على أنّا لو سلمنا أنها بصدد بيان أن الغسل لا بدّ أن يكون قبل الزوال لا تكون الصحيحة مقيدة للإطلاقات الواردة في الغسل ، لأن التقييد إنما يبتني على أن يكون غسل الجمعة واجباً ، وأما بناء على أنه مستحب كما تقدم فلا مقتضي لتقييد المطلقات بها على ما هو القانون في المطلق والمقيد في المستحبات ، فان المطلق في المستحبات يبقى على حاله واستحبابه ويكون المقيد أفضل الأفراد.

ومنها : ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار ، قال : يقضيه آخر النهار ، فان لم يجد فليقضه من يوم السبت » (١) والاستدلال بها من جهتين :

الاولى : تعبيره عليه‌السلام بالقضاء في قوله : « يقضيه آخر النهار ».

الثانية : اقتران الغسل بعد الزوال بالغسل يوم السبت ، فكما أنه قضاء بلا كلام فليكن الأمر كذلك بعد زوال يوم الجمعة.

وفيه : أن الرواية لو تمت بحسب السند لا تتم بحسب الدلالة ، وذلك لأن القضاء في لغة العرب بمعنى الإتيان بالشي‌ء وليس بالمعنى المصطلح عليه ، نعم علمنا خارجاً أن الغسل يوم السبت قضاء اصطلاحاً ، لا أن القضاء في الرواية بهذا المعنى ، بل معناه أنه‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٢١ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ٣.

۴۴۸