أمّا وجوبه النفسي فهو وإن كان ظاهر الأمر وإطلاقه ، لما بيناه في محله من أن مقتضى الإطلاق هو الوجوب النفسي وغيره يحتاج إلى قرينة وبيان (١) ، إلاّ أنه يندفع بوجود القرينة على خلافه وهي قوله : « فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل » فإنه ظاهر في أن الأمر بالطلب والفحص ليس من أجل محبوبيته في نفسه ، بل من جهة كونه مقدمة للتيمم والصلاة فلا يكون الطلب واجباً نفسياً حينئذ.

وأمّا احتمال الوجوب الشرطي وهو الذي اختاره صاحب الجواهر قدس‌سره (٢) فهو أيضاً مندفع بمخالفته لظاهر الآية والأخبار ، فان ظاهرهما أن التيمّم وظيفة من لم يكن واجداً للماء ، والمفروض أن المكلف كذلك واقعاً غاية الأمر أنه لم يكن عالماً به فلا يقع تيمّمه باطلاً ولا يكون الفحص شرطاً فيه.

وأمّا احتمال الوجوب الإرشادي والطريقي فهما مبنيان على أن الأصل العملي في المسألة مع قطع النظر عن الأدلة الاجتهادية يقتضي وجوب الطلب أو يقتضي عدمه.

فان قلنا بأن الأصل الجاري هو أصل الاشتغال لأجل العلم الإجمالي وهو يقتضي لزوم الفحص والطلب كما قدّمناه (٣) فلا محالة يكون الأمر بالطلب في الأخبار إرشاداً إلى ما حكم به العقل ، لأن المدار في الإرشادية أن يكون وجود الأمر وعدمه على حد سواء ولا يترتّب على وجوده أثر ، والأمر في المقام كذلك لأن الفحص واجب على ذلك مطلقاً ، كانت هناك رواية وأمر أم لم يكن.

وأمّا لو قلنا بأن الأصل يقتضي عدم وجوب الفحص لأن مقتضى الاستصحاب عدم وجدان الماء أو عدم وجوده ، فلا بدّ أن يكون الأمر به في الأخبار طريقياً ، فان المدار في الطريقية هو أن يكون الإنشاء بداعي تنجيز الواقع على تقدير وجوده ، كما في أخبار الاحتياط بناء على تماميتها ووجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية‌

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٩٩.

(٢) الجواهر ٥ : ٧٧.

(٣) في ص ٧٧.

۴۴۸