وإنّما التزموا بوحدة التيمّم في كليهما ، واختلفوا في اعتبار الضربة الواحدة فيه أو اعتبار الضربتين أو اعتبار التفصيل. فهذا القول الأوّل الّذي يتضمن التفصيل المشهور ممّا لا يمكن الاعتماد عليه.

إذن يدور الأمر بين القول بكفاية الضربة الواحدة مطلقاً فيما هو بدل عن الوضوء والغسل وبين القول بلزوم تعدّد الضربة مطلقاً.

والصحيح هو الأوّل وهو الاجتزاء بالضربة الواحدة مطلقاً ، وذلك لأن ما استدلّ به على اعتبار تعدّد الضربة قاصر عن إثبات ذلك المدّعى في نفسه ، على أنّه لو تمّ في الدلالة عليه لا يقاوم معارضة الأدلّة الدالّة على كفاية الضربة الواحدة.

والكلام يقع في مقامين :

المقام الأوّل : في قصور الأخبار المستدل بها على التعدّد عن إثبات مدّعى القائلين بالتعدّد ، وذلك لأنّه من تلك الأخبار :

صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن التيمّم فقال : مرّتين مرّتين للوجه واليدين » (١) ، فانّ قوله عليه‌السلام : « مرّتين مرّتين » لا يمكن حمله على كونه صادراً عنه عليه‌السلام بأن تدل على اعتبار الضرب في التيمّم أربع مرّات ، لأنّه ممّا لم يقل به أحد من أصحابنا ، فلا مناص من حمله على أن لفظة « مرّتين » الاولى من الراوي بأن يقال : مراده أنّه عليه‌السلام قال مرّتين : التيمّم مرّتين للوجه واليدين. ولأجل الدلالة على أنّه قال كذلك مرّتين أضاف الراوي كلمة « مرّتين » ثانية.

فتدلّنا الصحيحة على اعتبار التعدّد في التيمّم ، إلاّ أنّه لا دلالة لها على أنّ المراد هو التعدّد على الكيفيّة الّتي يدعيها القائل به بأن يعتبر في التيمّم ضربة قبل مسح الوجه وضربة اخرى قبل مسح اليدين بعد مسح الوجه ، لأن مقتضى إطلاقها جواز إيقاع الضربتين قبل مسح الوجه. فلا دلالة لها بوجه على لزوم كون إحدى الضربتين قبل مسح الوجه والأُخرى بعده قبل مسح اليدين.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٦١ / أبواب التيمّم ب ١٢ ح ١.

۴۴۸