تبدله واستحالته ، وهذا كما في اللحم حيث إنّ المشوي منه الكباب وغيره لحم أيضاً ولا يخرج بطبخه عن كونه لحماً ، وليس هذا مثل إحراق الشجر وجعله رماداً لأنّه حقيقة أُخرى غير حقيقة الشجرية ، هذا.

وقد يستدل على جواز التيمّم بحجر الجص والنورة قبل الطبخ وبعده برواية السكوني المتقدمة في التعليقة السابقة (١) المصرحة بجواز التيمّم بالجص والنورة ، وقد تقدّم أنّ ظاهرها هو الجص والنورة بعد طبخهما.

ويدفعه : أنّ الرواية ضعيفة السند من جهتين وقد تقدّمتا ولا يمكن الاعتماد عليها أبداً.

ويستدل اخرى بالاستصحاب الموضوعي بتقريب : أنّ الجص والنورة لا إشكال في كونهما من الأجزاء الأرضية قبل

إحراقهما وطبخهما ، فلو شككنا في بقائهما على الحقيقة الأرضية المعلومة سابقاً وخروجهما عن الأرضية بالإحراق فمقتضى الاستصحاب لزوم الحكم ببقائهما على أرضيتهما وعدم خروجهما عن كونهما أرضاً بالطبخ.

ويرد عليه : أنّ الشبهة حينئذ مفهومية ، لأنّ الشك في سعة مفهوم الأرض وضيقه وليست الشبهات المفهومية مورداً للاستصحاب الموضوعي ولا الحكمي.

أمّا الاستصحاب الموضوعي فلأن الاستصحاب متقوم باليقين السابق والشك اللاّحق ، ولا يقين ولا شك كذلك في مورد الشبهة المفهومية ، مثلاً في المقام كون الجص أو النورة غير محترق ولا مطبوخ سابقاً معلوم لنا بالوجدان ، وصيرورتهما مطبوخين معلوم لنا بالوجدان أيضاً.

وليس لنا شك في شي‌ء ، إذ لم ينقلب فيهما شي‌ء موجود معدوماً ولا انعدم عنهما شي‌ء موجود غير الطبخ المقطوع سابقاً ولاحقاً ، ومعه لا معنى لإجراء الاستصحاب في مثلهما. وإنّما شكنا في صدق اسم الأرض عليهما وأنّ مفهومه موسع يشملهما بعد‌

__________________

(١) في ص ١٩٨.

۴۴۸