هناك دليل مطلق وورد في قباله دليل مقيد وكان القيد غالبياً فهو لا يوجب التقييد في الإطلاق ، وليس الأمر في المقام كذلك ، إذ لا دليل مطلق دل على جواز القضاء مطلقاً ليلاً ونهاراً ليدعى أن الأخبار الواردة في جواز القضاء يوم السبت لا تستلزم تقييد ذلك المطلق ، بل ليس عندنا إلاّ تلك الأخبار المقيدة. إذن لا دليل لنا على مشروعية القضاء ليلاً وهو كافٍ في عدم المشروعية.

ودعوى أن القضاء إذا كان ثابتاً في نهار السبت فيثبت في ليله بطريق أولى لقربه من الجمعة ، مندفعة بأن العبادات الشرعية توقيفية وهي تحتاج في مشروعيتها إلى دليل يدل عليها ، ومجرد الأولوية الاستحسانية لا يكفي في ثبوت المشروعية كما هو واضح.

الرابع : موثقة ابن بكير المتقدمة الدالّة على أن من فاته غسل الجمعة يأتي به فيما بينه وبين الليل وإلاّ ففي يوم السبت (١). وهي تدل على مشروعية قضاء الغسل ليلة السبت على ما استدل به صاحب الجواهر قدس‌سره وذكر في تقريبه : أن السائل فرض فوت الغسل في مجموع نهار الجمعة ، ومعه لا معنى لقوله عليه‌السلام : يأتي به فيما بينه وبين الليل ، أي فيما بين النهار الذي فاته الغسل فيه وبين الليل ، إذ لا فاصل بين اليوم والليل ، فلا مناص من تقدير كلمة ( الآخر ) قبل الليل فيصير معنى الموثقة أنه يأتي به فيما بين النهار الذي فاته الغسل فيه وبين آخر الليل ، فتدل على مشروعية القضاء في ليلة السبت أيضاً (٢).

ويدفعه أوّلاً : ما قدمناه من أن الظاهر من الموثقة أن السؤال هو عن فوت الغسل في الوقت المتعارف فيه الغسل وهو ما قبل الزوال ، وعليه فمعنى قوله عليه‌السلام : « فيما بينه وبين الليل » أي فيما بين الشخص والليل ، أي من الزوال إلى الليل ، فلا دلالة فيها على مشروعية القضاء في الليل.

وثانياً : لو فرضنا المعنى كما أفاده قدس‌سره فما الموجب للإغلاق في كلام الإمام‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٢١ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ٤ ، وقد تقدّمت في ص ١٢.

(٢) الجواهر ٥ : ٢٢.

۴۴۸