عدم معقولية التزاحم في غير النفسيين‌

والتحقيق أن أمثال الوضوء أو الغسل والطهارة من الخبث خارجة عن باب التزاحم بالكلية ، وذلك لأن التزاحم إنما يقع بين التكليفين النفسيين إذا لم يتمكن المكلف من امتثالهما معاً ، وأما التكليف الواحد إذا دار الأمر فيه بين ترك جزء أو جزء آخر أو بين شرط أو شرط آخر فهو خارج عن باب التزاحم ، لأن مقتضى القاعدة في مثله سقوط التكليف رأساً لعدم تمكن المكلف من شرط الواجب أو جزئه.

إلاّ أنّا في الصلاة لما علمنا أنها لا تسقط بحال علمنا أن الشارع قد جعل أمره بالصلاة في حق المكلف إما مقيداً بالطهارة الحدثية المائية وإما مقيداً بالطهارة الخبثية ولا يمكنه جعلها مقيدة بكلتيهما ، فالمجعول هو أحدهما في حقه فيدخل المقام وأمثاله في باب التعارض.

وحيث إن مقتضى إطلاق شرطية الوضوء أن الصلاة يعتبر فيها الوضوء مطلقاً تمكن المكلف من الطهارة الخبثية أم لم يتمكّن ومقتضى إطلاق شرطية الطهارة الخبثية اعتبارها مطلقاً تمكن المكلف من الوضوء أو الغسل أم لم يتمكن ولا يمكن الأخذ بكلا الإطلاقين لعجز المكلف عن امتثالهما على الفرض فيسقط الإطلاقان وتدفع شرطية خصوص كل واحد منهما بالبراءة فينتج حينئذ التخيير بين الأمرين.

ولكن الشهرة والإجماع المدعى في كلام جماعة قد قاما على تقديم الطهارة الخبثية على ما سبق ومعه فالأحوط أن يختار الطهارة الخبثية مع التيمّم بدلاً عن الوضوء أو الغسل ، كما أن الأحوط أن يقدم صرف الماء في إزالة النجاسة على التيمّم ثم يتيمم بعده ، هذا.

وقد يستدل على تقديم الطهارة الخبثية والمستدل هو صاحب الجواهر قدس‌سره برواية أبي عبيدة ( الحذاء ) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة الحائض ترى الطهر وهي في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة ، قال عليه‌السلام : إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم‌

۴۴۸