الخوف موضوع لجواز التيمّم لا أنه طريق إليه ، والمدار على احتمال الضرر لا على الضرر الواقعي كما قدّمناه وقلنا : إن المريض غالباً يحتمل الضرر في استعماله الماء ببطء مرضه أو صعوبة علاجه ونحوهما ، والقطع بالضرر نادر جدّاً. إذن فهو عند خوفه من الضرر باستعمال الماء يجب عليه التيمّم واقعاً وقد أتى بما هو الواجب في حقه فلا وجه للحكم ببطلانه ووجوب الإعادة عليه. هذا إذا خاف الضرر ، وأما لو اعتقد تضرره بالماء فحكمه كذلك بطريق أولى ، إذ لا يحتمل مع الاعتقاد انتفاء الضرر أصلاً بخلاف الخوف من الضرر ، فلو ثبت الحكم المذكور عند الخوف ثبت مع اعتقاد الضرر بطريق أولى.

ويندفع : بأنّا لو سلمنا ما ذكره من أن الخوف موضوع للحكم بجواز التيمّم وليس طريقاً إلى الضرر ، ولم نقل إنه خلاف المتفاهم العرفي من مثل قوله : « يخاف على نفسه من البرد » (١) لأن الظاهر من الخوف وغيره من الأوصاف النفسانية هو الطريقية ، كما في الظن بل اليقين كما في قوله تعالى ﴿ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (٢) مع ذلك أيضاً لا يمكننا المساعدة على ما أفاده حتى فيما إذا كان اعتقاده أو خوفه مطابقاً للواقع بأن كان استعمال الماء مضراً بحاله واقعاً.

وذلك لأن الموضوع للحكم بجواز التيمّم إنما هو الخوف المستوعب للوقت لا الخوف ساعة ، حتى لو كان مضراً واقعاً في تلك الساعة فلا نلتزم بصحته فضلاً عما إذا لم يكن مضراً واقعاً.

وأما الصورة الثانية أعني ما إذا انكشف الخلاف وعدم الضرر قبل الصلاة فقد جزم الماتن قدس‌سره فيها ببطلان التيمّم ، وهو الصحيح.

وليس الوجه في ذلك ما قد يتوهم من أن القدر المتيقن من أدلّة مسوغية الخوف للتيمم ما إذا كان موضوع المشروعية وهو الخوف باقياً ، وأما إذا ارتفع لانكشاف عدم الضرر فلا بدّ من الرجوع إلى عموم أو إطلاق ما دل على وجوب الوضوء أو‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٤٨ / أبواب التيمّم ب ٥ ح ٧ ، ٨.

(٢) البقرة ٢ : ١٨٧.

۴۴۸