وأمّا إذا لم يكن استعمال الماء مضراً بل كان موجباً للحرج والمشقة كتحمل ألم البرد أو الشين مثلاً فلا تبعد الصحّة (١) وإن كان يجوز معه التيمّم ، لأنّ نفي‌


وعليه فلو تحمل الضرر وتوضأ أو اغتسل فحكمه حكم الفرع الآتي وهو ما إذا كان الوضوء أو الغسل حرجياً وتحمل الحرج فتوضأ أو اغتسل.

نعم بناء على أن الإضرار بالنفس محرم لا ينبغي التأمل في بطلانهما ، ولكن مع ذلك قد يقال بصحتهما حينئذ بدعوى أن

نفس الوضوء أو الاغتسال ليس ضرراً وإنما هما غسل أو مسح وإنما الضرر يترتب عليهما فهما مقدّمتان للضرر ، وقد بينا في محله أن مقدّمة الحرام ليست محرمة حتى لو قلنا بوجوب مقدّمة الواجب (١) ، ومع عدم حرمتها لا وجه لبطلانهما.

ولكنها تندفع بأن الغسل أو الوضوء ليسا من المقدمة والضرر ذو المقدمة ، بل ترتبه عليهما من باب ترتب الأفعال التوليدية على ما تتولد منه كالقتل المترتب على فري الأوداج ، وذلك لعدم كونهما فعلين اختياريين يتوقف أحدهما على الآخر ، بل هما عنوانان يترتبان على فعل واحد ، فما يترتب على أحدهما يترتب على الآخر.

إذن فالغسلتان والمسحتان محكومتان بالحرمة لحرمة عنوانهما وهو الضرر ، وهذا بخلاف المقدمة وذيها لأنهما فعلان ومعنونان لا عنوانان لمعنون واحد.

إذا تحمّل الحرج والمشقة‌

(١) لأن تحمل الحرج ليس من المحرمات وإن كان تيمّمه صحيحاً أيضاً ، فهو في الحقيقة مخير بين الوضوء أو الاغتسال وبين التيمّم ، وكذلك تحمل الضرر بناء على إباحته كما مرّ ، هذا.

ولكن المحقق النائيني قدس‌سره ذهب إلى بطلانهما نظراً إلى أن الحكم بصحّة وضوئه وغسله حينئذ كالجمع بين المتناقضين ، لأن موضوع وجوب الغسل أو الوضوء‌

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٩ ٤٤٠.

۴۴۸