بالفعل الثاني لكونه مختصاً بما إذا كان الأوّل غير ممكن بالطبع ، وعليه فليس للمكلف بعد دخول الوقت أن يهريق الماء أو ينقض طهارته ليدخل بذلك تحت فاقد الماء فيتيمم ويصلِّي.

بل مقتضى الجمود على ظاهر الآية سقوط الصلاة عن المكلف حينئذ ، لأنه غير متمكن من الوضوء على الفرض ، ولا أمر بالتيمّم في حقه لأنه فاقد بالاختيار لا بالطبع فهو كفاقد الطهورين تسقط عنه الصلاة ، إلاّ أن الإجماع القطعي وما ورد في المستحاضة من أنها لا تدع الصلاة بحال (١) يمنعنا عن ذلك ويدلنا على أن الصلاة لا تسقط في أي صورة وإنما تصل النوبة إلى المرتبة النازلة من المرتبة المعسورة ، ولأجله نحكم في المقام بوجوب الصلاة مع التيمّم في مفروض الكلام وإن عصى بإراقة الماء أو بنقض الطهارة.

وهذا الذي ذكرناه من أن التيمّم إنما يجب عند الفقدان بالطبع لا ينافي ما دل على أن الصلاة مع التيمّم تامة الملاك وواجدة لجميع ما تشتمل عليه الصلاة مع الوضوء من الملاك كقوله عليه‌السلام : « رب الصعيد والماء واحد » (٢) والوجه في عدم التنافي أن الصلاة مع التيمّم إنما تكون واجدة للملاك التام فيما إذا كان المكلف فاقداً للماء بالطبع لا فيما إذا كان فاقداً بالاختيار.

هل يجب القضاء في محل الكلام؟

ثم إنه هل يجب القضاء على المكلف في مفروض المسألة ، بأن يصلِّي مع التيمّم في الوقت ويقضيها مع الوضوء خارج الوقت؟ قد يقال بذلك نظراً إلى أن المكلف لم يأت بما هو الواجب عليه في وقته.

ولكن الصحيح عدم وجوب القضاء ، وذلك لأنه إنما يجب فيما إذا فات الواجب المكلف في ظرفه ، وهذا مفقود في المقام ، لأن المفروض أن المكلف أتى بأصل الصلاة‌

__________________

(١) تقدمت في المسألة التاسعة [١٠٦٧].

(٢) الوسائل ٣ : ٣٤٣ / أبواب التيمّم ب ٣ ح ١ ، ٢ ، فإنّهما بهذا المضمون.

۴۴۸