والّذي يمكن أن يقال هنا : إنّ الأغسال كما قدّمنا (١) حقائق وطبائع متعددة وإن كانت متحدة صورة ، وذلك لقوله عليه‌السلام : « إذا اجتمعت عليك حقوق » (٢).

ولا إشكال في عدم تعددها من حيث الغايات ، فالغسل لأجل الصلاة أو الطواف أو مس كتابة القرآن أو غيرها واحد لا تعدّد فيه ، إلاّ أنّه يتعدد من ناحية الأسباب فالغسل من الجنابة مغاير للغسل من الحيض ، وهما مغايران للغسل من مسّ الميت وهكذا.

فان كان بين الأغسال الواجبة على المكلّف غسل الجنابة فمقتضى إطلاق الآية المباركة وجوب تيمّم واحد عليه سواء كان عليه غسل آخر أم لم يكن وذلك لقوله تعالى ﴿ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (٣) على التقريب المتقدم في محلِّه (٤) ، لدلالته على أنّ الجنب يجب عليه التيمّم إن لم يجد ماءً ومقتضى إطلاقه عدم الفرق في ذلك بين أن يكون عليه غسل آخر أو لم يكن.

وإن لم يكن بينها غسل الجنابة فإن قلنا بأنّ المكلّف إذا وجب عليه أغسال متعددة وأتى بواحد منها ولو مع الغفلة عن غيره وعدم قصده وقع عن الكل وسقطت عن ذمّته لقوله عليه‌السلام : « إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد » (٥) فلا مناص من الالتزام بالتداخل في بدله أيضاً.

وذلك لأن معنى ذلك أنّ الأغسال الواجبة عليه حينئذ لا تقع مطلوبة منه في الخارج سوى غسل واحد ، فالمتعدد غير مطلوب في الخارج وإنّما الواجب الّذي يقع مطلوباً في الخارج غسل واحد وهو مجزئ عن غيره.

ومن الواضح أنّ الغسل الواحد يكون بدله أيضاً واحداً فلا يجب عليه إلاّ تيمّم واحد ، فانّ التداخل في الأغسال على طبق القاعدة حينئذ ، أي لم يجب عليه من‌

__________________

(١) شرح العروة ٧ : ٦٤.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.

(٣) النِّساء ٤ : ٤٣ ، المائدة ٥ : ٦.

(٤) في ص ٣٦٣.

(٥) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.

۴۴۸