هذه هي إحدى الروايتين اللّتين استدلّ بهما على أنّ المتيمِّم إذا دخل في الصلاة ثمّ وجد الماء لم تنتقض طهارته سواء كان ذلك قبل الركوع أم بعده ، ولأجلهما حملوا الصحيحة أو الحسنة المتقدمة الدالّة على الانتقاض إذا وجد الماء قبل الركوع على استحباب نقض الصلاة ثمّ الشروع فيها مع الوضوء.
وثانيتهما : صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم أنّهما قالا لأبي جعفر عليهالسلام : « في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمّم وصلّى ركعتين ثمّ أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثمّ يصلِّي؟ قال : لا ، ولكنّه يمضي في صلاته فيتمها ولا ينقضها ، لمكان أنّه دخلها وهو على طهر بتيمم » (١).
وذلك لأنّها وإن وردت في من أصاب الماء بعد الركعتين إلاّ أنّ العلّة المذكورة في ذيلها تعمم الحكم لما إذا دخل في الصلاة ثمّ وجد الماء قبل الركوع ، لدلالتها على أنّ المدار في وجوب المضي في الصلاة إنّما هو الدخول فيها عن طهر بتيمم ، وحيث إنّها علّة غير قابلة للتخصيص ، فلا بدّ من حمل الحسنة المتقدمة الدالّة على الانتقاض فيما إذا وجد الماء قبل الركوع على الاستحباب كما قدّمنا ، هكذا ذكروا في وجه الاستدلال بها.
ولا كلام في سند الرواية ، لأنّ الصدوق رواها عن زرارة ومحمّد بن مسلم (٢) وطريقه صحيح (٣) ، نعم طريق الشيخ قدسسره (٤) ضعيف بأحمد بن محمّد بن الحسن ابن الوليد لعدم ثبوت وثاقته (٥).
وإنّما الكلام في دلالتها. والظاهر أنّها قابلة للتقييد أيضاً ، لأن علل الأحكام الشرعية لا تزيد على نفس الأحكام بل هي هي ، غاية الأمر أنّها حكم كبروي ، ومرجع
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٨٢ / أبواب التيمّم ب ٢١ ح ٤.
(٢) الفقيه ١ : ٥٨ / ٢١٤.
(٣) الفقيه ٤ ( المشيخة ) : ٦ ، ٨.
(٤) التهذيب ١ : ٢٠٥ / ٥٩٥.
(٥) وقد تقدّم وجود طريق صحيح للشيخ الطوسي قدسسره في [ الفهرست : ١٥٦ / ٦٩٤ ] إلى روايات محمد بن الحسن بن الوليد من غير ولده أحمد بن محمد ، فراجع.