يبتني هذا على أنّ التداخل عند اجتماع الأغسال المتعددة هل هو في الأسباب أو أنّ التداخل في المسببات؟

فان قلنا إنّ التداخل في الأسباب كما هو الأظهر بمعنى أن تلك الأسباب المتعددة لا يتسبب منها إلاّ مسبب واحد وهو الغسل الواحد وإن كثرت أسبابه ومناشئه نظير تعدّد الأسباب في الوضوء وكما أنّها لا تؤثر إلاّ مسبباً ووضوءاً واحداً كذلك الحال في الأغسال ، بحيث لو اغتسل المكلّف في مفروض الكلام غسلاً واحداً ناوياً لبعضها المعين دون الجميع أو مع الغفلة عن ثبوت غسل آخر عليه كفى ذلك في حقّه ولم يجب عليه غسل آخر بعد ذلك. فلا مناص من الاكتفاء بالتيمّم الواحد بدلاً عن المسبب الواحد الّذي على ذمّته من الأغسال.

وإن قلنا إن كل مسبب يؤثر في مسبب واحد فهناك مسببات ، لكن له الإتيان بغسل واحد ناوياً عن الجميع فإنّه يجزئ عن غيره إذا نواه ، لقوله عليه‌السلام : « إذا اجتمعت عليك حقوق متعددة أجزأك عنها غسل واحد » (١) بحيث لو لم ينو الجميع لغفلته عن كونه مكلفاً بغسل آخر أو لقصده غسلاً معيّناً لم يسقط عنه إلاّ ما نواه. فلا مناص من أن يأتي بتيممات متعددة حسب تعدّد الأغسال الواجبة في حقّه ، لأنّ التداخل على خلاف الأصل ولا يمكن الالتزام به إلاّ مع الدليل ، وهو إنّما دلّ على ذلك في الأغسال ولم يقم دليل عليه في بدله الّذي هو التيمّم.

كما أنّه لو قلنا بأن كل غسل يغني عن الوضوء كما اخترناه اختص ذلك بنفس الأغسال ولم يأت في بدلها الّذي هو التيمّم ، لعدم دلالة الدليل على إغناء التيمّم الّذي هو بدل عن الغسل عن الوضوء ، وحيث إنّه مأمور بالوضوء أيضاً مع كونه محدثاً بتلك الأحداث ومن هنا لو توضأ قبل الاغتسال عنها صحّ وضوءه ولم يكن تشريعاً محرماً غاية الأمر أنّه لو لم يأت به قبلها لكان له الاجتزاء بالاغتسال فلا بدّ أن يأتي بتيمم آخر بدلاً عن الوضوء.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.

۴۴۸