وثانية : يورد على هذا الاستدلال بأنّه أخص من المدّعى ، لأنّ التيمّم قد يكون بالحجر أو الرمل ، ولا يعلق منهما شي‌ء باليد ليصح الأمر بالنفض بأن يعلق منهما شي‌ء باليد فيصح الأمر بإزالته والتمسح بأثره ، بل لو لصق منهما شي‌ء باليد مثل الأجزاء الصغار من الرمل يزول بالنفض بالمرة ولا يبقى منه شي‌ء بعد النفض ليكون المسح بأثره.

ويدفعه : ما أشرنا إليه من أنّ الغالب في جميع ما يصح التيمّم به هو العلوق ، إذ لا أقل من أن يكون على الحجر غبار يعلق باليد أو الأجزاء الصغار من الرمل فتزال عينه بالنفض ويتمسح بأثره ، والتيمّم بما لا علوق فيه أصلاً مثل التيمّم بالتراب أو الرمل الرطبين نادر كما عرفت.

وثالثة : يورد عليه بأنّ الأخبار الآمرة بالنفض محمولة على الاستحباب ، بمعنى أنّ النفض غير معتبر في التيمّم لزوماً بل هو أمر مستحب ، وللمكلّف أن يختار في التيمّم ما فيه علوق لينفض يده بعد الضرب. ومع الاستحباب لا يمكن الاستدلال بها على اعتبار العلوق ، لأنّه مع الاستحباب يحق للمكلّف أن يختار ما لا علوق فيه فلا يتحقق معه موضوع للنفض أصلاً.

ودعوى أنّ النفض وإن كان مستحبّاً في نفسه إلاّ أنّ الأمر به يدل على أنّ المتيمم به لا بدّ أن يكون ممّا فيه قابلية العلوق وإيجاد هذا المستحب ، وإن كان نفض اليدين بعد التيمّم به مستحباً ، مندفعة بأنّه مجرد دعوى لا مثبت لها ، إذ لا دلالة للأمر بالنفض المستحب على أن يكون المتيمم به ممّا فيه العلوق دائماً.

وهذا الجواب متين في نفسه ، إلاّ أنّ الكلام في وجه حمل الأخبار المعتبرة الآمرة به على الاستحباب ، وذلك لأنّه لا وجه له سوى الشهرة القائمة على عدم اعتبار العلوق في التيمّم ، ومع عدمه لا يبقى موضوع للنفض ، ومن ثمة حملوا الأوامر الواردة بالنفض أو الأخبار البيانية المشتملة على أنّه عليه‌السلام نفض يديه (١) على الاستحباب.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٩٢ / أبواب التيمّم ب ٢٩.

۴۴۸