وفيه : أنّه لا غلبة ولا تعارف في ضرب اليدين معاً بالإضافة إلى أزمنة صدور تلك الأخبار ، بل مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين ضربهما معاً أو متعاقباً.

وأُخرى يستدل على اعتبار المعية بالإجماع عليها. وهو على تقدير تحققه يقتصر فيه على القدر المتيقن ، لأنّه دليل لبي ، والمتيقن صورة التمكّن منه فلا يشمل صورة عدم التمكّن من الضرب معاً كما هو الحال في مفروض الكلام.

وثالثة يستدل بالأخبار البيانية الواردة في كيفية التيمّم (١) حيث دلّت على ضرب الكفين معاً على الأرض ، فإنّه لو كان على نحو التعاقب لاحتاج إلى البيان ولم يبيّن فيها كون الضرب متدرجاً.

وهذا الاستدلال وإن كان صحيحاً إلاّ أنّه يختص أيضاً بصورة التمكّن ، لأنّ الإمام والمبين له كلاهما في تلك الأخبار متمكّن منه ، هذا. على أن تلك الأخبار مشتملة على حكاية فعل ، والفعل ليس له لسان حتّى يدل على اعتبار ذلك على نحو الإطلاق والمقدار المتيقن منه هو صورة التمكّن منه لا محالة.

وبهذه الأخبار نقيد إطلاق الآية والأخبار المتقدمة ، وينتج ذلك اعتبار المعيّة عند التمكّن منها وعدم اعتبارها عند عدم التمكّن منها كما هو الحال في المقام ، ومعه لا حاجة إلى الاستدلال على كفاية الضرب متعاقباً بقاعدة الميسور ليرد عليه أنّها غير ثابتة الاعتبار. هذا كلّه في عدم اعتبار ضرب اليدين معاً.

وكذلك الحال فيما إذا لم يتمكّن إلاّ من ضربهما على الأرض بكيفية أُخرى ، بأن وقع نصف كل يد على التراب لإتمامها ، أو تمكن من تكرار الضرب أربع مرّات بأن ضرب كل واحدة من اليدين مرّتين مرّة بهذا النصف منها وأُخرى بنصفها الآخر ، فان مقتضى إطلاقات الضرب كفاية ذلك كلّه ، اللهمّ إلاّ أن يكون متمكّناً من ضربهما معاً فيعتبر حينئذ ضربهما معاً بمقتضى الأخبار البيانية ، وأمّا في صورة عدم التمكّن فالإطلاقات محكمة.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٥٨ / أبواب التيمّم ب ١١.

۴۴۸