للتكليف الوجوبي احتمالاً ومخالفة للتكليف التحريمي احتمالاً.

ومن هذا يظهر ما في كلام الماتن قدس‌سره من جعل المكلّف فاقد الطهورين عند فقد المرتبة اللاّحقة وتنظير المقام بما إذا انحصر المغصوب في المعين ، حيث ظهر أنّ المكلّف واجد للطهور ومتمكّن من استعماله واقعاً غير أنّه ليس قادراً على التمييز فليست وظيفته وظيفة فاقد الطهورين ، كما أنّ المقام مغاير لصورة انحصار المغصوب في المعين ، لأنّ المكلّف في تلك الصورة ليس قادراً على التيمّم كما أنّه غير متمكّن من الوضوء أو الغسل فيدخل في موضوع فاقد الطهورين.

إذن لا يمكن قياس المقام بصورة انحصار ما يتيمّم به في المغصوب المعين بوجه بتخيل أنّ العلم الإجمالي بالغصبية مثل العلم التفصيلي بها ، وذلك لما عرفت من تمكّن المكلّف من كلا التكليفين التحريمي والوجوبي غير أنّه ليس قادراً على التمييز فالمقام من دوران الأمر بين المحذورين ووظيفة المكلّف هو التخيير فيختار أحد الترابين ويتيمّم به.

وتوضيح ما ذكرناه في المقام هو أنّ قوله تعالى ﴿ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ... (١) والأخبار الواردة في التيمّم الدالّة على أنّه إذا وجد تراباً يتيمّم به أو طيناً يتيمّم به (٢) يدل على أنّ الوضوء والتيمّم اعتبر فيهما الوجدان أي وجدان الماء والتراب ونحوه.

والوجدان بمعنى ( يافتن ) قد أُخذ في مفهومه الإحراز ، ومعه لا بدّ من أن يكون المكلّف المأمور بالوضوء أو بالتيمّم محرزاً بأنّه قد توضأ بالماء أو تيمّم بالتراب الحائز للشروط من الإباحة والطّهارة ونحوهما.

فإذا فرضنا أنّ أحد الماءين مغصوب أو أحد الترابين مغصوب والمرتبة الثّانية من التيمّم ميسورة لم يتمكّن المكلّف من إحراز أنّه توضأ أو تيمّم بالماء أو التراب المباح‌

__________________

(١) المائدة ٥ : ٦.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٤٩ / أبواب التيمّم ب ٧ ، ٩.

۴۴۸