وثانياً : لو تنازلنا عن ذلك وقلنا بدلالة الصحيحة على اعتبار العلوق فلا وجه لدعوى تخصيص العلوق بالتراب ، فانّ الوجدان أقوى شاهد على أنّه عند ضرب اليدين على الرمل والحجر يعلق شي‌ء منهما باليدين وهو الغبار النازل عليهما بالريح والعجّ ، واليدان تتأثران بهما عند ضربهما عليهما. فلا اختصاص للعلوق بالتراب ، اللهمّ إلاّ أن يغسل الحجر أو ينزل المطر عليه فلا يكون فيه حينئذ علوق.

وثالثاً : لو أغمضنا عن ذلك أيضاً لا ينبغي الشبهة في أنّ الحجر لو كسرناه وطحنّاه لعلق منه شي‌ء باليدين ، فليست الأحجار والرمال ممّا لا علوق فيها ، ولا يمكن أن يستفاد من الصحيحة اختصاص ما يتيمّم به بالتراب وعدم جوازه بالحجر ونحوه فانّ العلوق فيه متحقق.

فالمتحصل : أنّ الصحيحة لا دلالة فيها على اختصاص ما يتيمّم به بالتراب ، فيجوز التيمّم بما يصدق عليه الأرض من تراب وحجر ورمل ومدر وغيرها.

ويؤكّد ما ذكرناه رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام : « أنّه سئل عن التيمّم بالجص ، فقال : نعم ، فقيل : بالنورة ، فقال : نعم ، فقيل : بالرماد ، فقال : لا ، لأنّه ليس يخرج من الأرض إنّما يخرج من الشجر » (١) حيث دلّت على أنّ الجص والنورة ممّا يصح التيمّم به ، وظاهرها أنّ المراد بها هو الجص والنورة المطبوخان وبقرينة المقابلة استفيد منها أنّهما من الأرض ، ومعها تدل الرواية على جواز التيمّم بالأجزاء الأرضية من التراب وغيره.

وهذه الرواية وإن عبر عنها صاحب الحدائق قدس‌سره بالحسنة حيث قال بعد نقله الرواية في [ ٤ : ٣٠٠ ] : وهذا السكوني ضعيف لكن روايته حسنة. إلاّ أنّ الصحيح ضعف الرواية من جهتين :

إحداهما : من جهة أحمد بن محمّد بن يحيى الواقع في سندها لأنّه لم يوثق ، وقد نبّهنا عليه مراراً ، فلا يمكن الاعتماد على روايته وإن كان كثير الرواية جدّاً.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٥٢ / أبواب التيمّم ب ٨ ح ١.

۴۴۸