وأمّا الخوف على غير المحترم كالحربي والمرتد الفطري ومن وجب قتله في الشرع فلا يسوّغ التيمّم ، كما أن غير المحترم الذي لا يجب قتله بل يجوز كالكلب العقور والخنزير والذئب ونحوها لا يوجبه وإن كان الظاهر جوازه. ففي بعض صور خوف العطش يجب حفظ الماء وعدم استعماله كخوف تلف النفس أو الغير ممن يجب حفظه وكخوف حدوث مرض ونحوه ، وفي بعضها يجوز حفظه ولا يجب مثل تلف النفس المحترمة التي لا يجب حفظها وإن كان لا يجوز قتلها أيضاً ، وفي بعضها يحرم حفظه بل يجب استعماله في الوضوء أو الغسل كما في النفوس التي يجب إتلافها ففي الصورة الثالثة لا يجوز التيمّم ، وفي الثانية يجوز ، ويجوز الوضوء أو الغسل أيضاً ، وفي الاولى يجب ولا يجوز الوضوء أو الغسل.


ولا ينبغي الإشكال في وجوب استبقاء الماء لتلك النفس المحترمة وحفظها وانتقال وظيفته إلى التيمّم.

الثاني : أن تكون النفس التي يخاف العطش عليها غير واجبة الحفظ. وهذه النفس قد تكون محترمة مثل الذمي الذي هو محترم النفس ، حيث لا يجوز قتله لكنه لا دليل على وجوب حفظ نفسه من التلف ، نعم حفظ نفسه جائز شرعاً. ومثل الحيوان المملوك حيث لا يجوز إتلافه من دون إذن المالك ، بل مع إذنه إذا كان الإتلاف على غير الوجه الشرعي في الذبح ، إلاّ أنه لا يجب حفظه وإنما هو جائز شرعاً. وقد لا تكون النفس محترمة كالذئب والكلب غير العقور والخنزير إذا لم يكن في معرض الإضرار بالمسلمين ، فإنها أنفس لا يجب التحفظ عليها كما لا يحرم قتلها.

وفي هذه الصورة حكم بالتخيير بين التيمّم لجواز أن يصرف في حفظ هذه الأنفس لجوازه شرعاً على الفرض ، بل قد يكون راجحاً لقوله عليه‌السلام : لكل كبد حرى أجر (١) ومعه يكون غير واجد الماء فيسوغ له التيمّم ، وبين الوضوء أو الغسل بالماء‌

__________________

(١) راجع الوسائل ٩ : ٤٧٣ / أبواب الصدقة ب ٤٩ ، وكذلك المستدرك ٧ : ٢٥٠ / أبواب الصدقة ب ٤٥ ، حيث ذكر فيهما مضمون هذا القول.

۴۴۸