والجواب : أنّا نختار الشق الثاني ، وأنّ مجرد نيّة القطع أو القاطع لا يوجب الخروج عن الصلاة. قولكم إنّ اللاّزم منه الإخلال باستدامة النيّة في الأكوان المتخللة ، فيه : أنّه لا دليل على اعتبار الاستدامة فيما عدا الأجزاء من الأفعال والأذكار.

وأمّا الاستشهاد لذلك بأدلّة القواطع ، وبحديث التحليل والتحريم المستكشف بهما رعاية الهيئة الاتصالية ، فيدفعه : أنّ غاية ما يثبت بها أنّ المصلِّي بعد شروعه في الصلاة ما لم يأت بالمنافي ولم يسلّم فهو في الصلاة وليس خارجاً عنها ، أي انّ الأجزاء السابقة صالحة لأن تنضمّ إليها الأجزاء اللاّحقة ، وأين هذا من كون الأكوان المتخللة من الصلاة حتى يعتبر فيها ما يعتبر في الأجزاء وكم فرق بين الكون في الصلاة وبين أن يكون الشي‌ء من الصلاة. والمستفاد من تلك الأدلة إنّما هو الأوّل دون الثاني كما هو ظاهر.

بل إنّ المستفاد من صحيحة حماد (١) الواردة في بيان كيفية الصلاة وما لها من الأجزاء ، عدم كون الأكوان المتخللة منها ، لعدم التعرض إليها.

وعليه فلا دليل على لزوم مراعاة النيّة في الأكوان المتخللة كي يصادمها نيّة القطع أو القاطع ، فلو عاد عن نيّته ورجع إلى النيّة الأُولى صحّت صلاته للتحفّظ على استدامة النيّة فيما تعتبر فيه من الأجزاء أعني الأفعال والأذكار.

هذا ، ومع التنزّل عن ذلك والشك في اعتبار النيّة في الأكوان ، فتكفينا أصالة البراءة عن اعتبارها فيها بعد إمكان أخذها فيها شرعاً بناءً على ما هو الصحيح من جواز الرجوع إليها في الأقل والأكثر الارتباطيين.

وممّا ذكرنا يظهر حال فرع آخر وإن لم يتعرّض له في المتن ولعلّه لوضوحه ـ

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٤٥٩ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

۵۲۴