أحدها : في الصلاتين المرتبتين كالظهرين والعشاءين (١) إذا دخل في الثانية قبل الاولى ، عدل إليها بعد التذكّر في الأثناء إذا لم يتجاوز محلّ العدول
بل إنّ هذا التقرير يتّجه ولو لم تكن الصلاة من العبادات ، ولا يتوقف بيانه على عباديتها ، وذلك لوضوح أنّ الصلوات حقائق مختلفة وماهيات متباينة وإن اتحدت صورة كما في الظهرين ، كما يكشف عن ذلك اختلافها بحسب الأحكام من النفل والفرض ، ولزوم رعاية الترتيب كما بين الظهر والعصر ، وحيث لا ميز بين هذه الماهيات إلاّ من ناحية العنوان ، فلا بدّ من قصده في تحققه ، وإلاّ فلا يقع مصداقاً لشيء منها. ومن الضروري أنّ كلا من تلك الماهيات معنون بتمامها بعنوان خاص وليست ملفّقة منه ومن عنوان آخر. فلو عدل في الأثناء إلى صلاة أُخرى فلا تقع مصداقاً لشيء من الماهيتين للإخلال بإحداهما حدوثاً وبالأُخرى بقاءً كما هو ظاهر.
نعم ، ورد في الشرع موارد رخّص فيها في العدول تعبداً توسعة في مرحلة الامتثال ، وحيث إنّ ذلك على خلاف القاعدة ولا ضير في الالتزام به تعبّداً الكاشف عن حصول الغرض منها بذلك ، فلا بدّ من الاقتصار عليها ، وعدم التعدي عن مواردها.
ثم إنّ العدول قد يكون من الحاضرة إلى الحاضرة ، وأُخرى من الفائتة إلى مثلها ، وثالثة من الحاضرة إلى الفائتة ، وأمّا عكس ذلك فلا يجوز لعدم ورود النص فيه ، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة العدم ، وسنتعرض لأحكامها.
(١) هذا من العدول من الحاضرة إلى الحاضرة ، فإذا دخل في العصر ثم التفت في الأثناء أنّه لم يصلّ الظهر عدل بها إليها وأتمّها ظهراً ثم صلى العصر كما أنّه لو دخل في العشاء ثم التفت أنّه لم يصلّ المغرب عدل إليها ، ما لم يتجاوز محل العدول ، دون ما إذا تجاوزه ، كما لو تذكّر بعد الدخول في ركوع الركعة الرابعة.