الخامس : أن يكون أصل العمل لله لكن أتى به في مكان وقصد بإتيانه في ذلك المكان الرياء ، كما إذا أتى به في المسجد أو بعض المشاهد رياءً (١) وهذا أيضاً باطل على الأقوى (٢).
والمتحصّل من جميع ما مرّ : أنّ الرياء في الجزء مطلقاً لا يترتب عليه إلاّ فساده ، ولا يسري إلى المركب إلاّ مع طروء عنوان آخر موجب للفساد من زيادة أو نقيصة أو فقدان شرط ونحو ذلك.
(١) فكان الرياء فيما هو خارج عن ذات العمل كلا أو جزءاً من الخصوصيّات الفردية المكانية أو الزمانية أو المكتنفة كما سيجيء.
(٢) إذ الخصوصية المفرّدة مصداق للطبيعة ومحقّق لها ، ومن الضروري أنّ الكلي الطبيعي متحد مع مصداقه خارجاً ، وموجودان بوجود واحد ، يضاف مرّة إلى الطبيعة ، وأُخرى إلى الفرد ، فليست الصلاة الموجودة في الخارج شيئاً آخر مغايراً مع الصلاة في هذا المكان ليكونا موجودين بوجودين ، ولا يسري الفساد من إحداهما إلى الأُخرى ، بل بينهما الاتحاد والعينيّة ، فلا جرم يحكم بالفساد ، إذ المبغوض لا يكون مقرّباً ، والحرام لا يكون مصداقاً للواجب.
وكذلك الحال فيما بعده من الأمثلة ، فإنّ الكل من سنخ الخصوصيّات المكانية التي يرجع الرياء فيها إلى الرياء في نفس العمل الواجب حسبما عرفت.
هذا كلّه فيما إذا راءى في الصلاة في هذا المكان ، بأن كان مصبّ الرياء ومركزه هو مصداق الطبيعة بالذات ، أعني الصلاة الكذائية.
وأمّا لو راءى في مجرّد الكون في هذا المكان ، بأن تعلّق قصده الريائي بصرف البقاء في المسجد واللّبث فيه أو في أحد المشاهد المشرّفة ليري الناس أنّه من أهل التقوى المعظِّمين لشعائر الله ، وفي خلال ذلك صلّى خالصاً لوجهه ، فلا موجب