ثمّ إنّ دخول الرياء في العمل على وجوه :
أحدها : أن يأتي بالعمل لمجرّد إراءة الناس (١) من دون أن يقصد به امتثال أمر الله تعالى ، وهذا باطل بلا إشكال ، لأنّه فاقد لقصد القربة أيضاً.
الثاني : أن يكون داعيه ومحرِّكه على العمل القربة وامتثال الأمر والرياء معاً ، وهذا أيضاً باطل ، سواء كانا مستقلّين أو كان أحدهما تبعاً والآخر مستقلا ، أو كانا معاً ومنضمّاً محرّكاً وداعياً (٢).
وكيف كان ، فأصل الاعتبار المستلزم لبطلان العبادة المراءى فيها ممّا لا غبار عليه ، وقد تظافرت به الروايات التي عقد لها في الوسائل باباً مستقلا (١) إنّما الكلام في بعض خصوصيات المطلب وستعرف الحال فيها في التعاليق الآتية.
(١) بأن يكون الداعي الوحيد هو الرياء فحسب ولا يقصد به طاعة الربّ بوجه ، والبطلان في هذا القسم ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف حتى من السيّد المرتضى ، لفقد قصد القربة المعتبر في صحة الصلاة ، فإنّ كون الصلاة عبادة وافتقار العبادة إلى قصد التقرب كاد أن يكون من الواضحات التي لا مرية فيها.
(٢) وهذا القسم أعني ضمّ قصد الرياء إلى القربة ينحل إلى صور أربع :
إحداها : أن يكون الباعث على ارتكاب العمل والمحرِّك نحوه مجموع القصدين فكل منهما جزء من المؤثر بحيث لو انعزل أحدهما عن الآخر لما ترتب الأثر لقصور كل منهما وحده عن صلاحية الدعوة والتحريك ، فلا يكون الداعي إلاّ مجموع القصدين على صفة الانضمام.
الثانية : أن يكون كل منهما مستقلا في التأثير في حدّ نفسه ، بحيث لو انفرد
__________________
(١) راجع الوسائل ١ : ٧٠ / أبواب مقدمة العبادات ب ١٢.