افتتاحها التكبير واختتامها التسليم (١) ، أنّ للصلاة هيئة اتصالية ملحوظة بين المبدأ والمنتهى ، وأنّها معتبرة في الصلاة ، فكما أنّ الأجزاء من الأفعال والأذكار من الصلاة ، فكذلك الأكوان والآنات المتخللة بينها ، فلا بدّ من مراعاة النيّة واستدامتها في جميعها حتى في تلك الأكوان ، لكونها منها كسائر الأجزاء ، والنيّة شرط في جميعها ، فكما أنّ الإخلال بسائر الشروط كالاستدبار والحدث والتكلّم ونحوها يوجب البطلان حتى في تلك الأكوان بلا إشكال ، فكذا استدامة النيّة وحيث إنّ نيّة القطع تستوجب الإخلال بالنيّة في هذه القطعة من الزمان ووقوعها عن غير نيّة ، فلا محالة توجب بطلان الصلاة.
وبعبارة أُخرى : نيّة القطع إمّا أن توجب قطع الصلاة والخروج عنها المساوق لبطلانها أو لا. فعلى الأوّل فهو المطلوب ، وعلى الثاني وتسليم كونه بعد في الصلاة ، فحيث إنّ هذا الكون الصلاتي عارٍ عن النيّة لا محالة فتختل استدامة النيّة في هذه القطعة من الزمان بالضرورة فيوجب البطلان من أجل فقدان الشرط قهراً.
وهذا أحسن ما قيل في وجه البطلان ، وأمّا بقية الوجوه فكلّها ضعيفة ساقطة التي منها ما قيل من أنّ النيّة الأُولى بعد زوالها لا يجدي الرجوع إليها ، لفوات المقارنة لأوّل العمل ، ولا بدّ من صدور العمل عن نيّة سابقة عليه.
إذ فيه : أنّ النيّة اللازم سبقها على العمل هي نيّة المجموع والمفروض سبقها عند النيّة الأُولى ، وأمّا نيّة الجميع أي نيّة كل جزء جزء قاصداً به الأمر الضمني المتعلِّق به ، فهو مقارن لكل جزء لا سابق عليه ، وهو حاصل بعد الرجوع والعود كما لا يخفى. وهكذا غيره من سائر الوجوه التي لا يخفى ضعفها على من لاحظها ، فالعمدة إذن هو الوجه الذي عرفته.
__________________
(١) راجع الوسائل ٦ : ٩ / أبواب تكبيرة الإحرام ب ١ ، ٤١٥ / أبواب التسليم ب ١.