[١٥٧٣] مسألة ٩ : قد مرّ أنّه يجب كون القراءة وسائر الأذكار حال الاستقرار (١) ، فلو أراد حال القراءة التقدم أو التأخر قليلاً ، أو الحركة إلى أحد الجانبين ، أو أن ينحني لأخذ شيء من الأرض أو نحو ذلك ، يجب أن يسكت حال الحركة وبعد الاستقرار يشرع في قراءته ، لكن مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين لا يضر ، وإن كان الأولى بل الأحوط تركه أيضاً.
الخطاب بقولك : الحمد لله ربّ العالمين أو إيّاك نعبد ، وهكذا.
فظهر لك بما سردناه بوضوح : أنّ الجمع بين الأمرين ليس من ضم استعمالين في استعمال واحد ، كي يلزم استعمال اللفظ المشترك في معنيين ، وإنّما هو استعمال واحد في المعنى فقط ، مقترناً بالحكاية عن الطبيعي بإيجاد الفرد المماثل التي هي خارجة عن باب الاستعمال رأساً كما عرفت بما لا مزيد عليه. على أنّ بطلان الاستعمال المزبور وإن كان هو المشهور إلاّ أنّ الحق جوازه كما بيّناه في الأُصول (١) هذا.
ويؤيد ما ذكرناه : أنّ قصد المعاني يعدّ من كمال القراءة ، وقد أُمرنا بتلاوة القرآن عن تدبر وخشوع وتضرع وخضوع وحضور للقلب المستلزم لذلك لا محالة ، وإلاّ فمجرد الألفاظ العارية عن قصد تلك المعاني ، أو المشتملة على مجرّد التصور والخطور لا يخرج عن مجرّد لقلقة اللسان المنافي لكمال قراءة القرآن.
(١) بمعنى السكون في مقابل الحركة والمشي ، وقد عرفت (٢) أنّ المستند فيه موثقة السكوني (٣) الآمرة بالكف عن القراءة لو أراد التقدم أو التأخر قليلاً كالخطوة مثلاً ، أو الانحناء لأخذ شيء من الأرض ، فالواجب عليه حينئذ
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ١ : ٢٠٥.
(٢) في ص ١١٣ ، ٢٥٦.
(٣) الوسائل ٦ : ٩٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٤ ح ١.