المكلفين في كل أسبوع لاشتهر وبان وشاع وذاع ، بل كان من المسلّمات الواضحات ولم يقع فيه خلاف من أحد ، فكيف ذهب المشهور بل عامة الأصحاب ما عدا ابن إدريس إلى الاستحباب ، بل هو المرتكز في أذهان المتشرعة وقد قامت سيرتهم وعملهم على عدم الوجوب حتى في زماننا هذا ، وإن كان شيخنا الأُستاذ قدسسره يحتاط في ذلك برهة من الزمن بتكرار الصلاة تارة ، وبتكرار القراءة قاصداً بإحداهما الواجب الواقعي مدة أُخرى.
فيظهر أنّ عدم الوجوب كان أمراً مفروغاً مسلّماً عندهم ، حتى أنّ ابن إدريس جعل الإخفات أحوط كما سمعت ، فلو كان الجهر واجباً أو محتمل الوجوب لم يكن ذاك احتياطاً كما لا يخفى.
فان قلت : إنّ هذا الوجه بعينه يجري في صلاة الجمعة ، فكيف اخترتم فيها وجوب الجهر ولم تلتزموا بالاستحباب.
قلت : كلا ، ولا مجال لقياس إحداهما بالأُخرى ، فإنّ صلاة الجمعة لم تكن شائعة عند الشيعة ، بل هي متروكة مهجورة في عصر الغيبة ، فلم تكن محلاًّ للابتلاء ، ومن المسائل الكثيرة الدوران الذي هو الضابط في التمسك بهذا الوجه فتبقى ظواهر النصوص الآمرة بالجهر سليمة عن القرينة على الخلاف ، بخلاف الظهر من يوم الجمعة التي يبتلى بها عامة المكلفين. فلا مناص من حمل نصوص المقام على الاستحباب كما عرفت.
بل إنّ هناك صحيحتين ربما يستشكل من أجلهما حتى في الاستحباب لتضمنهما النهي عن الإجهار بالقراءة فتعارض النصوص السابقة.
إحداهما : صحيحة جميل قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر ، فقال : يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر