وأمّا ما يقال من احتمال قراءة همزة أن في قوله « هل عليه ان لا يجهر » مكسورة والمعنى هل عليه شيء إن لم يجهر بالقراءة ، فعجيب ، أوّلاً : أنّ لازمه تقدير كلمة شيء ، والتقدير على خلاف الأصل. وثانياً : أنّ اللازم حينئذ ذكر كلمة « لم » الجازمة بدل « لا » النافية كما لا يخفى (١).
وثالثاً : أنّ الجواب على هذا لا يطابق السؤال ، فإنّ اللازم حينئذ أن يجيب بقوله : لا ، أي لا شيء عليه ، الذي هو مصب السؤال على الفرض ، لا أن يجيب بقوله : إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل ، لعدم كونه متعلقاً للسؤال.
وكيف ما كان ، فالقراءة المذكورة لا ينبغي احتمالها ، والمتعيّن قراءة الهمزة مفتوحة ، وهي محمولة على المعنى الذي ذكرناه فلا معارضة ، ومع التسليم فهي محمولة على التقية كما عرفت ، فالأقوى ما عليه المشهور من وجوب الجهر.
إنّما الكلام في مصداق ما يجهر فيه وأنّه يجب في أيّ صلاة من الصلوات اليومية ، وفي أيّ مورد من الصلاة ، وكذا الحال في الإخفات فإنّ إثبات ذلك بحسب الروايات لا يخلو عن الإشكال.
أما من حيث المورد فقد ورد التصريح بالقراءة في رواية محمد بن عمران ويحيى بن أكثم وغيرهما (٢) إلاّ أنّهما لأجل ضعف السند لا تصلحان للاستدلال والانجبار لا نقول به. نعم ، تدل عليه صحيحة زرارة الثانية وصحيحة علي بن جعفر المتقدمة (٣) ، وبعض روايات باب الجمعة والجماعة كصحيحة الحلبي : « إذا
__________________
(١) لكنه ورد في الذكر الحكيم قوله تعالى ﴿ إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ﴾ [ التوبة ٩ : ٤٠ ] وقوله تعالى ﴿ إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ﴾ [ الأنفال ٨ : ٧٣ ].
(٢) الوسائل ٦ : ٨٣ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٥ ح ٢ ، ٣.
(٣) في ص ٣٧٢ ، ٣٧٣.