وثانياً : لو سلّم فلا تضر بالدلالة ، إذ النقص في مقابل التمام المذكور في ذيل الصحيحة ، فمعناه البطلان كما يدل عليه قوله : « وعليه الإعادة ».
وأمّا الثاني ففيه أوّلاً : أنّ كلمة لا ينبغي ظاهرة في عدم الجواز ، وأنّه لا يتيسر كما ذكرناه مراراً ، فإنّه الموافق لمعناه اللغوي ، والاستعمالات القرآنية وغيرها على ذلك كما في قوله تعالى ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ﴾ (١) أي لا يتيسر لها ، لا أنّه لا يليق.
وثانياً : مع الغض عن ذلك فهذه الكلمة واقعة في كلام السائل والاستدلال إنّما هو بكلام الإمام عليهالسلام المصرّح بأنّ عليه الإعادة الظاهرة في البطلان.
والمتحصل من جميع ما قدمناه : لزوم العمل بالصحيحتين ، وحمل صحيحة ابن جعفر على التقية. هذا مع تسليم دلالة هذه الصحيحة وإلاّ فللمناقشة فيها مجال ، نظراً إلى أنّ الظاهر من قوله « يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة » أنّ المفروض في مورد السؤال أنّ القراءة جهرية ، إمّا على وجه الوجوب أو الاستحباب ، وعلى أيّ تقدير فكون القراءة جهرية أمر مفروض مفروغ عنه ومع هذا فأيّ معنى لقوله ، هل عليه أن لا يجهر ، فإنّه لا موقع لهذا السؤال بعد ذاك الفرض. فلا مناص من أن يكون السؤال ناظراً إلى غير القراءة من سائر الأذكار كالتشهد وذكر الركوع والسجود ونحوهما ، وأنّه هل يجب عليه أن لا يجهر في هذه الأذكار في صلاة يجهر منها بالقراءة أو لا؟
وعليه فالصحيحة أجنبية عمّا نحن فيه بالكلية ، فلا موضوع للمعارضة كي يتصدى للعلاج فليتأمل.
ويؤيد ما ذكرناه : أنّ لعلي بن جعفر نفسه رواية أُخرى سأل فيها عن حكم هذه الأذكار من حيث الجهر والإخفات ، فإنّه يقرب دعوى كون السؤال في
__________________
(١) يس ٣٦ : ٤٠.