عن الجهر أو الإخفات ، وعدم ثبوت الواسطة بينهما حتى يؤمر بها وينهى عنهما فهذه قرينة قطعية مضافاً إلى الروايات الواردة في تفسير الآية المباركة على أنّ المراد عدم الإفراط في الجهر كالمؤذّن ، وعدم التفريط في الإخفات بحيث يكون مجرد تحريك الشفتين ولا يسمع حتى نفسه ما يقول ، فلا دلالة في الآية على حكم الجهر والإخفات وجوباً أو جوازاً ، فلا ينافي ذلك وجوب الجهر في بعض الموارد إذا ثبت من الخارج.
وكيف كان ، فمقتضى قواعد الترجيح في المقام ليس إلاّ الحمل على التقية كما عرفت.
نعم ، ربما يناقش في دلالة الصحيحتين كما عن صاحب الذخيرة (١) من وجهين :
أحدهما : أنّ المروي في بعض النسخ « نقص » بالصاد المهملة ، الدال على نقصان الثواب الملازم للاستحباب لا « نقض » كي يقتضي البطلان.
ثانيهما : أنّ كلمة « ينبغي » ظاهرة في الاستحباب ولا تناسب الوجوب وكلاهما ليس بشيء ، أما الأوّل فيردّه أوّلاً : أنّ الموجود في جميع كتب الروايات كما قيل (٢) « نقض » بالضاد المعجمة ، ولم ينقل « نقص » إلاّ عن بعض الكتب الفقهية ولا اعتبار بالرواية ما لم تؤخذ من مصدرها من كتب الحديث.
__________________
(١) انظر الذخيرة : ٢٧٤ السطر ٢٢.
(٢) لكنه معارض بما عن منتقى الجمان ٢ : ١٢ من أنّه لم ينقل ضبطها بالمعجمة ، وكيف ما كان ، فقد ذكر في هامش الاستبصار ج ١ ص ٣١٣ طبع نجف أنّ في بعض نسخ الكتاب « نقص » بالمهملة ، وفي البحار ٨٢ : ٧٧ بعد نقل صحيحة زرارة عن الصدوق قال : وفي بعض النسخ « نقص » بالمهملة ، وفي بعضها بالمعجمة ، وظاهر كلامه اختلاف نسخ الفقيه في ذلك.
ومنه تعرف أنّ المهملة منقولة عن بعض نسخ الكتب الحديثية أيضاً ، ولا تختص بالفقهية كما أُفيد في المتن.