لا أن لا يكون شيء أرجح منه ، ومن هنا ترى صحة نذر زيارة مسلم عليهالسلام ليلة عرفة لرجحانها ، وإن كانت زيارة الحسين عليهالسلام في هذه الليلة أفضل.
وقد يقال في محل الكلام : بجواز ترك السورة المنذورة وقراءة غيرها حتى اختياراً ، إذ ليست فيه مخالفة للنذر ، فانّ نذر قراءتها كان مشروطاً باشتغال الذمّة بالسورة كما هو مقتضى تقييدها بالصلاة ، ومعلوم أنّ النذر المشروط بشرط لا يقتضي حفظ شرطه ، بل له إعدامه ليرتفع موضوع الوفاء ، فله تفويت الشرط بتفريغ ذمته عن السورة الواجبة في الصلاة بقراءة سورة أُخرى غير المنذورة فلا يبقى موضوع لوجوب الوفاء.
وهذا كما ترى من غرائب الكلام ، ضرورة أنّ الشرط هو اشتغال الذمة الذي يكفي في تحققه الاشتغال آناً ما وقد تحقق بالشروع (١) في الصلاة جزماً فالشرط حاصل والنذر معه نافذ لفعلية المشروط بفعلية شرطه ، ومعه كيف يسوغ له التفويت المؤدي إلى مخالفة النذر ، وهذا نظير ما لو نذر أن يدفع زكاته لزيد مهما اشتغلت ذمته بها ، فإنّه لا إشكال في حصول الحنث لو دفعها إلى عمرو ، مع أنّ الموضوع حينئذ غير باقٍ ، لعدم اشتغال ذمته بالزكاة بعد الدفع المزبور ، إلى غير ذلك من النظائر التي لا تخفى ممّا لا يمكن الالتزام فيها بما ذكر. والسرّ أنّ شرط التكليف وإن لم يجب تحصيله أو التحفظ عليه ، لكنه لا يجوز تفويته بعد حصوله وفعلية التكليف كما هو ظاهر.
ومما ذكرنا يظهر أنّ ما ذكره هذا القائل من التخيير بين الإتمام والعدول لو قرأ غير المنذورة نسياناً وكان مما يجوز العدول عنه كغير الجحد والتوحيد قبل بلوغ النصف ، لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، بل يجب عليه العدول وفاءً بالنذر
__________________
(١) بل قبله أيضاً إذ لا يناط الاشتغال بالشروع فتدبر.