لنفوذه بعد حصول شرطه.
وكيف ما كان ، فاذا نذر قراءة سورة معيّنة في صلاته فشرع في أُخرى نسياناً وتذكّر بعد تجاوز النصف على المشهور ، أو بعد تجاوز الثلثين على المختار ، أو كان ما شرع فيه التوحيد أو الجحد ، فقد ذكر الماتن قدسسره أنّه يجوز أي يجب العدول حينئذ ، لعدم شمول دليل حرمة العدول للمقام ، لاختصاصه بما إذا كان قادراً على الإتمام ، ولا قدرة عليه شرعاً بعد وجوب الوفاء بالنذر المقتضي للإتيان بالسورة المنذورة.
وما أفاده قدسسره وجيه لو شمل دليل الوفاء لمثل المقام لكنه غير شامل وهذا النذر باطل في نفسه كما اعترف به غير واحد من الأعلام ، والوجه في ذلك : ما ذكرناه في الأُصول (١) في بحث التزاحم في مسألة الترتب من أنّ أمثال المقام وإن كان داخلاً في باب التزاحم فيتزاحم وجوب الوفاء بالنذر مع حرمة العدول ، لكن الترجيح مع الثاني ، لقصور دليل النذر عن مزاحمة حكم من الأحكام ، لاشتراط نفوذه بأن لا يكون محللاً للحرام ، أو محرّماً للحلال فلا يتغير من أجله حكم من الأحكام.
ومن هنا ذكرنا أنّ في كل مورد وقع التزاحم بين الوفاء بالنذر وبين واجب آخر كان مشروطاً بالقدرة عقلاً قدّم الثاني ، إذ القدرة مأخوذة في الأوّل في لسان الدليل ، فهي معتبرة فيه شرعاً ، والقدرة العقلية مقدّمة على الشرعية لإطلاق دليلها الموجب للعجز عن الآخر. وبذلك ينكشف عدم انعقاد النذر من أوّل الأمر فيحرم عليه العدول في المقام عملاً بإطلاق دليله السليم عن المزاحم.
ولكن التحقيق : أنّ ما ذكر إنّما يتم فيما إذا كان متعلق النذر الصلاة الشخصية وأمّا إذا كان متعلقه طبيعي الصلاة كما هو كذلك غالباً ، فلا موجب لرفع اليد
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ٢٥١.