وثانياً : بإمكان الخدشة في الدلالة ، فإنّ ما ذكر لا يتجاوز الإشعار ولا يبلغ حدّ الاستدلال ، لإمكان أن يكون التعبير بقوله : « وإن بلغ النصف » إشارة إلى الفرد النادر ، إذ قلّ ما يعدل المصلي عن السورة بعد بلوغ نصفها ، والغالب في العدول قبل البلوغ هذا الحد كما لا يخفى. فلا يدل على أنّ هذا نهاية الحد الشرعي لجواز العدول.

على أنّ هاتين الروايتين رواية الدعائم والذكرى تعارضهما موثقة عبيد ابن زرارة المتقدمة (١) المصرّحة بجواز العدول ما بينه وبين أن يقرأ ثلثي السورة.

وبذلك يظهر مستند القول الثالث الذي اختاره في كشف الغطاء ، فإنه استند فيه إلى هذه الموثقة التي هي قوية السند صريحة الدلالة ولا إشكال عليها ، إلاّ من حيث إعراض الأصحاب عنها ، لأنّ المشهور هو القول الثاني كما عرفت. فان بنينا على قادحية الإعراض سقطت عن الحجية ، وإلاّ كما هو المختار فلا مانع من الاعتماد عليها. ومن ذلك تعرف قوة هذا القول.

وأمّا القول الرابع : أعني جواز العدول مطلقاً الذي اختاره صاحب الحدائق فقد استدل قدس‌سره له بإطلاق الأخبار وقدمه على التحديدات المذكورة في رواية الفقه الرضوي وغيرها التي هي حجة عنده ، ولا يتم ذلك على مسلكه كما لا يخفى.

نعم ، يمكن تقريب هذا القول ، بل وتقويته ببيان آخر نتيجته جواز العدول مطلقاً ، وحمل التحديد بالنصف أو الثلثين على ضرب من الكراهة والمرجوحية على اختلاف مراتبها. وهذا البيان نتيجة الالتزام بمبنيين : أحدهما جواز التبعيض والآخر جواز القرآن بين السورتين اللذين عرفت فيما مضى أنّهما الأقوى بالنظر إلى الأدلّة.

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٠١ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٦ ح ٢.

۵۲۴