وعليه نقول التحديد بالثلثين الذي تضمنه موثق عبيد المتقدم لا يمكن حمله على اللّزوم على وجه لا يجوز العدول بعده ، لأنّ الوجه في عدم الجواز إن كان هو وجوب إتمام هذه السورة التي بيده فقد بنينا على جواز التبعيض وعدم وجوب الإتيان بسورة تامّة حسب الفرض ، وإن كان عدم جواز القرآن بين السورتين بدعوى شموله للزائد من السورة الواحدة وإن لم تتم السورتان كما قد يقتضيه إطلاق قوله عليهالسلام في صحيحة منصور المتقدمة سابقاً : « لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر » (١) ، فقد بنينا على جواز القرآن فليس لهذا التحديد وجه ظاهر ويبعد جدّاً حمله على التعبد المحض فتأمل. فلا مناص من حمله على ضرب من المرجوحية والكراهة ، التي دونها في المرتبة ما لو كان العدول قبل هذا الحد ، وبعد تجاوز النصف الذي تضمنته صحيحة علي ابن جعفر المتقدمة (٢).
بل يمكن أن يقال : بتعين الوجه الأوّل ، لعدم شمول القرآن الممنوع للعدول المبحوث عنه في المقام ، لأنّ أخبار الباب قد تضمنت بأجمعها التعبير بـ « الرجوع » وظاهره رفع اليد عن السورة التي بيده ، والإتيان بسورة أُخرى على نحو يشبه تبديل الامتثال بالامتثال ، وأين هذا من القرآن الذي هو عبارة عن الامتثال بكلتا السورتين وجعلهما معاً مصداقاً للمأمور به ، فلا علاقة بين المسألتين بوجه ، إذن فالوجه في المنع عن العدول بعد ما عرفت من استبعاد التعبد المحض ليس إلاّ المنع عن التبعيض وقد بنينا على جوازه.
والمتحصل من مجموع الأخبار : أنه إذا لم يبلغ الثلثين جاز له العدول ، بمعنى رفع اليد عما بيده ، وتبديل الامتثال بامتثال آخر ، فيعدل إلى سورة أُخرى
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤٣ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤ ح ٢.
(٢) في ص ٣٤٨.