« في نصف السورة الآخر » بتذكير الآخر كي يكون صفة للنصف ، وحينئذ للاستدلال بها وجه ، وإن كانت العبارة حينئذ لا تخلو عن الركاكة كما لا يخفى وكان الأولى لو أُريد ذلك أن يعبّر هكذا : في النصف الثاني ، أو في النصف الآخر بل الظاهر أنّ النسخة مضافاً إلى عدم الوثوق بها مغلوطة ، والصحيح ما أثبتناه فتخرج عن محل الكلام كما عرفت.
وأمّا رواية الشهيد فقد حكى في الوسائل ، وكذا المجلسي في البحار (١) عن الذكرى نقلاً من كتاب نوادر البزنطي ، عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ في أُخرى ، قال : يرجع إلى التي يريد وإن بلغ النصف » (٢) بتقريب أنّها ظاهرة في أنّ بلوغ النصف هو غاية الحد ولذا عبّر عنها بكلمة إن الوصلية ، لإدراج الفرد الخفي ، وإلاّ لقال وإن جاوز النصف.
وفيه أوّلاً : أنّها ضعيفة السند ، لعدم وضوح طريق الذكرى إلى كتاب البزنطي (٣) فتكون الرواية مرسلة ، والمراد بأبي العباس هو الفضل بن عبد الملك البقباق لأنّ الواقع في هذه الطبقة ليس غيره فلا إشكال من أجله.
هذا ، مع أنّ صاحب الحدائق (٤) ذكر أنّ النسخ التي وقف عليها من الذكرى عارية عن إسناد الرواية إلى أبي عبد الله عليهالسلام بل مروية عن أبي العباس نفسه ، ولم يعلم أنّها فتواه أم رواية عن الإمام عليهالسلام وعليه فتكون الرواية مضافاً إلى الإرسال مقطوعة أيضاً.
__________________
(١) البحار ٨٢ : ٦١.
(٢) الوسائل ٦ : ١٠١ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٦ ح ٣ ، الذكرى ٣ : ٣٥٦.
(٣) يمكن تصحيحه بأنّ للشهيد طريقاً صحيحاً إلى الشيخ الطوسي ، وطريق الشيخ إلى كتاب البزنطي صحيح.
(٤) الحدائق ٨ : ٢١٠.