أمّا في صورة العمد ، فتارة يأتي بالسورة قبل الحمد بقصد الجزئية ، وأُخرى بقصد الوظيفة الشرعية ، وثالثة بقصد القرآن أو مطلق الذكر.

لا ريب في البطلان في الصورة الأُولى ، للزوم الزيادة العمدية المبطلة بمجرّد الشروع في السورة قاصداً بها الجزئية ، سواء أتداركها بعد ذلك وأتى بها بعد الحمد ثانياً أم لا ، فانّ قوام الزيادة بالإتيان بشي‌ء بقصد الجزئية ولم يكن بجزء واقعاً ، وهذا العنوان صادق من أوّل الأمر ، ولا يناط ذلك بالإتيان بالوجود الثاني من الطبيعة كما يظهر من المتن وغيره ، بل الحال كذلك حتى لو قلنا باستحباب السورة ، لعدم الفرق في صدق الزيادة بالمعنى المتقدم بين الوجوب والاستحباب ، كما لو قنت في الركعة الأُولى بقصد الجزئية.

ولو لم يتم ما ذكرناه من صدق الزيادة من الأوّل ، وتوقف صدقها على الإتيان بالوجود الثاني كما ذكره في المتن ، لم يكن وجه للحكم بالبطلان في المقام إذ المستفاد من أدلة الزيادة أنّ المبطل منها إنّما هو إحداث الزائد لا إحداث صفة الزيادة لما سبق ، فلا يتحقق البطلان إلاّ إذا أوجد الزائد متصفاً من أوّل حدوثه بصفة الزيادة ، كما لو أتى بعد الانتهاء عن الجزء المأمور به بفرد ثانٍ من الطبيعة ، وأمّا إذا ارتكب عملاً أوجب اتصاف السابق بالزيادة كما في المقام فلا دليل على البطلان. ولذا لو شرع في بعض كلمات الآية وقبل استكمالها بدا له في العدول لداع من الدواعي فرفع اليد عنها ثم استأنفها كما لو قال : أيا ثم قال : إياك نعبد لا يحكم بالبطلان ، لأنّه أحدث صفة الزيادة للسابق ، لا أنّه أحدث الزائد.

وبالجملة : فتعليل الحكم بالبطلان في المقام بلزوم الزيادة العمدية إن قرأها ثانياً وعكس الترتيب الواجب إن لم يقرأها كما فعله في المتن غير وجيه ، بل الصحيح تعليله بلزوم الزيادة العمدية من أوّل الأمر ، سواء قرأها بعد ذلك أم لا كما عرفت.

۵۲۴