وأمّا الصورة الثانية : أعني ما لو قدّم السورة بعنوان الاستحباب والوظيفة الشرعية دون أن يقصد بها الجزئية ، فأدلة الزيادة العمدية غير شاملة لمثل ذلك ، لما عرفت من تقوّمها بقصد الجزئية المنفي في الفرض ، فلا بطلان من هذه الجهة. نعم ، هو تشريع محرّم كما لو قنت في الركعة الأُولى بقصد الوظيفة الشرعية.
وهل يوجب ذلك البطلان في المقام؟ تقدم الكلام حوله سابقاً (١) ، وقلنا إنّه قد يقال به بدعوى عدم شمول ما دلّ على نفي البأس من قراءة القرآن في الصلاة لمثله ، لانصرافه إلى القراءة المحللة دون المحرّمة ، فيندرج ذلك تحت عمومات مبطلية التكلم في الصلاة.
وفيه : ما عرفت من أنّ المبطل خصوص كلام الآدمي لا مطلق الكلام والقراءة المزبورة لا تخرج بالحرمة عن القرآنية حتى تندرج في كلام الآدمي فهو قرآن محرّم كقراءة سور العزائم المحرّمة على الجنب والحائض ، وليس من كلام الآدمي في شيء.
وبالجملة : أدلة استحباب القراءة وإن لم تشمل هذا الفرد إلاّ أنّ أدلة مبطلية الكلام أيضاً غير شاملة له ، والمرجع في مثله أدلة البراءة عن المانعية.
فالأقوى في هذه الصورة عدم البطلان وإن كان آثماً ، فيأتي بالسورة بقصد الجزئية بعد الحمد ، ومعه يحصل الترتيب.
وأمّا الصورة الثالثة : أعني ما لو قدّم السورة لا بقصد الجزئية ولا الوظيفة الشرعية ، بل بقصد القرآن ، فلا وجه حينئذ للبطلان إلاّ إذا بنينا على حرمة القرآن بين السورتين ، وعمّمناه لمثل المقام ممّا وقع فيه الفصل بين السورتين بالحمد كما ربّما يؤيده إطلاق قوله عليهالسلام في صحيحة منصور المتقدمة : « لا تقرأ
__________________
(١) في ص ٢٧.