بأيّ مرحلة فرضناه حتى المصلي مستلقياً لا مشقة عليه غالباً في التكلم بسورة يسيرة كالتوحيد مثلاً سيّما مع عدم احتياجه إلى مئونة الإسماع ، لعدم كون المخاطب من البشر. نعم ، ربما يفرض شدّة المرض بمثابة يشق عليه ذلك أيضاً لاقترانه بثقل في لسانه ، أو استيلاء المرض شديداً بحيث يصعب عليه حتى تلك التلاوة اليسيرة ، لكنه فرض نادر جدّاً (١) لا يمكن حمل الإطلاق عليه ، فالأقوى في النظر تعميم السقوط لصورتي المشقة وعدمها ، عملاً بإطلاق الدليل بعد امتناع حمله على الفرد النادر ، ومن الجائز أن تكون الصحة دخيلة في ملاك الوجوب كما يقتضيه الإطلاق ، لكن الاحتياط لا ينبغي تركه.
ومنها : موارد الاستعجال والخوف ، ويدلُّ على السقوط فيهما صريحاً صحيح الحلبي المتقدم : « لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأولتين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شيئاً » (٢).
والكلام هنا من حيث كون السقوط على وجه الرخصة أو العزيمة ، وأنّ الحكم يختص بحال المشقة أم لا ، هو الكلام فيما تقدّم في المريض حرفاً بحرف ، فهو على وجه العزيمة مع قصد الجزئية ، وعلى وجه الرخصة بقصد القرآن ، كما أنّه يعم صورتي المشقة وعدمها عملاً بإطلاق النص ، إذ فرض بلوغ العجلة والخوف مثابة يشق عليه التأخير حتى بمقدار قراءة سورتين قصيرتين لا يستوجبان من الزمان أكثر من دقيقة واحدة بل أقل ، فرض نادر جدّاً لا يمكن حمل الإطلاق
__________________
(١) غير خفي أنّ مناسبة الحكم والموضوع التي ادّعاها المحقق الهمداني قدسسره تكون كقرينة متصلة تستوجب الاختصاص بهذا الفرض وإن قل وندر ، إذ ليت شعري كيف يحتمل سقوط السورة عن المريض الذي ينفعه التكلم أو لا يضره ولا ينفعه ، لعدم ارتباطه به بوجه ، فلا مناص من أن يراد به من يشق التكلم عليه. ومن البيّن أنّه لا مانع من الحمل على الفرد النادر إذا اقتضته القرينة.
(٢) الوسائل ٦ : ٤٠ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢ ح ٢.