وحملها على نسيان الباقي من السورة التي بيده والانتقال إلى سورة أُخرى تامّة بعيد جدّاً ، إذ ظاهرها أنّ الأخذ في الأُخرى مستند إلى النسيان ومبني عليه كما هو مقتضى فاء التفريع (١) في قوله « فيأخذ ».

ويبعّده أيضاً : قوله : « حتى يفرغ منها » الظاهر بضميمة قوله « ثم يذكر » في استمرار النسيان والذهول عن الانتقال إلى الفراغ من السورة ، فإنّه لا يلائم إلاّ مع المعنى الذي ذكرناه كما لا يخفى.

ومنها : صحيحة علي بن جعفر قال : « سألته عن الرجل يفتتح سورة فيقرأ بعضها ثم يخطئ ويأخذ في غيرها حتى يختمها ثم يعلم أنّه قد أخطأ ، هل له أن يرجع في الذي افتتح وإن كان قد ركع وسجد؟ قال : إن كان لم يركع فليرجع إن أحبّ ، وإن ركع فليمض » (٢) فإنّها ظاهرة في المعنى الذي قدّمناه. وقوله عليه‌السلام « إن أحب » كالصريح في جواز التبعيض كما لا يخفى.

هذه مجموع الروايات التي استدلّ بها على عدم الوجوب من كلا النوعين. أعني ما كان صريحاً فيه ، وما دلّ على جواز التبعيض المستلزم لذلك بالتقريب المتقدم ، ومقتضى الجمع العرفي بينها وبين الطائفة التي ذكرناها أوّلاً ممّا كان ظاهراً في الوجوب ، هو الحمل على الاستحباب كما هو مقتضى الصناعة في جميع الأبواب من رفع اليد عن ظهور أحد الدليلين بصراحة الآخر ، فانّ الطائفة السابقة ظاهرة في الوجوب ، وهذه صريحة في الجواز ، فيرفع اليد عن ظهور‌

__________________

(١) التفريع لا يقتضي أكثر من أن سبب انتقاله إلى السورة الأُخرى هو نسيانه لتتمة السورة الأُولى ، وأمّا أنّ انتقاله هذا كان مستنداً إلى الاشتباه والنسيان أيضاً فلا يدل عليه بوجه ، بل لعل منصرف الأخذ هو الشروع من الأوّل دون الوسط. ومنه يظهر النظر في المبعّد الذي ذكره ( دام ظله ).

(٢) الوسائل ٦ : ٨٩ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٨ ح ٣.

۵۲۴