وأمّا الطائفة الثانية : فهي عدة نصوص فيها المعتبرة وغيرها.
فمنها : صحيحة علي بن يقطين في حديث قال : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن تبعيض السورة ، فقال : أكره ولا بأس به في النافلة » (١) دلّت على جواز التبعيض ، لا لظهور لفظ الكراهة في المعنى المصطلح ، فإنّه اصطلاح حادث عند الفقهاء وغير معهود في لسان الأخبار ، ولم يستعمل فيها إلاّ في المعنى اللغوي أعني المرجوحية المطلقة الظاهرة في التحريم لولا قيام الدليل على الجواز ، بل من جهة إسناد الكراهة إلى نفسه بصيغة المتكلم ، ومقابلته لنفي البأس عنه في النافلة ، فإنّه ظاهر في الكراهة الشخصية ، وأنّه عليهالسلام يجتنب عن ذلك لا أنّ الحكم كذلك في الشريعة المقدسة ، وإلاّ لقال عليهالسلام بدل « أكره » لا ، فإنّه أخصر وأظهر ، فالعدول عنه إلى هذه الكلمة ظاهر فيما ذكرناه من إرادة الكراهة الشخصية المساوقة للمعنى الاصطلاحي الملازم للجواز كما لا يخفى. نعم ، لو كان التعبير هكذا « يكره » أو « مكروه » كان ظاهراً في التحريم.
ومنها : مرسلة أبان بن عثمان عن أحدهما عليهماالسلام قال : « سألته هل تقسم السورة في ركعتين؟ قال : نعم ، اقسمها كيف شئت » (٢) والدلالة ظاهرة غير أنّها ضعيفة السند بالإرسال.
ومنها : صحيحة سعد الأشعري عن الرضا عليهالسلام قال : « سألته عن رجل قرأ في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزئه في الثانية أن لا يقرأ الحمد ويقرأ ما بقي من السورة؟ فقال : يقرأ الحمد ثم يقرأ ما بقي من السورة » (٣).
ومنها : صحيحة زرارة قال : « قلت لأبي جعفر عليهالسلام رجل قرأ
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤٤ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤ ح ٤.
(٢) الوسائل ٦ : ٤٤ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤ ح ٥.
(٣) الوسائل ٦ : ٤٥ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤ ح ٦.