وقد يجمع بينهما أيضاً : بالحمل على التقية ، لموافقتهما لمذهب العامة (١).
وفيه : أنّ الترجيح بمخالفة العامة فرع استقرار المعارضة ، ولا تعارض بعد إمكان الجمع الدلالي (٢) والتوفيق العرفي بالحمل على الاستحباب كما عرفت ، فلا تصل النوبة إلى الحمل على التقية.
وقد يقال أيضاً : بأنّهما مخالفتان للإجماع ، فتطرحان لعدم كونهما حجة حينئذ فلا تصلحان للمعارضة مع هذه الصحيحة.
ويدفعه : أنّ جمعاً من القدماء وجملة من المتأخرين ذهبوا إلى عدم وجوب السورة كما مرّ وستعرف ، ومعه كيف يمكن دعوى الإجماع.
فالإنصاف : أنّ دلالة الصحيحتين على عدم الوجوب كسندهما قوية.
ومنها : صحيحة محمد بن إسماعيل المتقدمة في أدلّة القائلين بالوجوب (٣) وقد عرفت أنّها على عدم الوجوب أدلّ ، وأنّ ما حكاه صاحب الوسائل عن بعض المحققين في الدلالة على الوجوب غير صحيح ، لعدم صلاحية السورة للمزاحمة مع القيام عند الدوران ، بل مفاد الصحيحة أنّه يصلي على الراحلة مع الخوف ، وإلاّ فعلى الأرض ، وعلى التقديرين فالصلاة مع السورة أحب ، والتعبير بكلمة « أحب » كالصريح في الاستحباب كما مرّ (٤).
__________________
(١) المجموع ٣ : ٣٨٨.
(٢) ضابط هذا الجمع على ما تكرر منه ( دام ظله ) كون الدليلين بحيث لو اجتمعا في لسان واحد وأُلقيا على العرف لم يبق أهله متحيّراً ، بل جعل أحدهما قرينة على التصرّف في الآخر ، كما في قوله : افعل مع قوله : لا بأس بتركه ، وليس المقام كذلك ، فانّ مفاد أحد الدليلين ثبوت البأس والآخر نفيه ، وهما متهافتان عرفاً ، على أنّ نتيجة هذا الجمع كراهة الاقتصار على الحمد لا استحباب السورة.
(٣) الوسائل ٦ : ٤٣ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤ ح ١.
(٤) في ص ٢٧٢.