الصحيحة وتينك الصحيحتين نسبة الخاص إلى العام ، فيقيد إطلاقهما بهذه وتحملان على صورة العجلة والضرورة.

وهذا كما ترى لا يمكن المساعدة عليه وإن ذكره جمع من الأكابر منهم المحقق الهمداني (١) وغيره ، إذ ليس هو في المقام من الجمع العرفي في شي‌ء ، ضرورة أنّ حمل المطلق على المقيد إنّما يصح فيما إذا أمكن إرادته منه وجاز صرف الإطلاق إليه ، لا في مثل المقام ممّا يشبه الحمل على الفرد النادر ، فانّ موارد الاستعجال والخوف (٢) قليلة جدّاً ، فكيف يمكن إرادتها من الإطلاق.

وبالجملة : ظاهر الصحيحتين أنّ الإمام عليه‌السلام في مقام بيان وظيفة المصلي بحسب طبعه الأوّلي ، لا بلحاظ الطوارئ والعوارض الخارجية ، وإلاّ فبملاحظتها ربما تسقط الحمد أيضاً كما في ضيق الوقت ، أو عدم التمكن من التعلم ونحو ذلك ، فلا وجه لقصر النظر في ذلك على السورة فقط ، فهما كالصريح في جواز الاقتصار على الحمد وحده حتى في حال الاختيار ، فلا مناص من حمل البأس في مفهوم هذه الصحيحة على الكراهة ، إذ الأمر دائر بين رفع اليد عن ظهوره في المنع ، وبين ارتكاب التقييد في الأولتين بالحمل على الضرورة والعجلة ، ولا ريب أنّ الأوّل أولى ، لوجود المحذور في الثاني وعدم كونه من الجمع العرفي كما عرفت ، فاستدلال صاحب المدارك (٣) بهاتين الصحيحتين على عدم الوجوب في محله.

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٢٨٧ السطر ١٧.

(٢) إذا أُضيف إليهما المريض كما هو مورد النص وعمّم الحكم لمطلق المريض وإن لم تشق عليه قراءة السورة كما سيصرح به سيدنا الأُستاذ ( دام ظله ) في التعليق الآتي خرج الحمل المزبور عن الندرة.

(٣) المدارك ٣ : ٣٤٨.

۵۲۴