وصحيحة حماد (١) وإن تضمّن ذيلها الأمر بقوله عليهالسلام « يا حماد هكذا فصلّ » ، إلاّ أنّها خالية عن ذكر الاستقلال ، فانّا وإن كنا نقطع بكونه عليهالسلام مستقلا غير معتمد على شيء في الصلاة التي صلاها تعليماً ، إلاّ أنّه لم يكن شيئاً مفروغاً عنه بين الإمام عليهالسلام وحماد بحيث يكون ملحوظاً في مقام التعليم ، وإلاّ كان الأحرى التعرض فيها كما لا يخفى.
ومنه تعرف أنّ قاعدة الشغل لا مسرح لها بعد إطلاق الأدلّة ، مع أنّ مقتضى الأصل هي البراءة في أمثال المقام دون الاشتغال كما هو ظاهر.
فتحصل : أنّ هذه الوجوه كلّها ساقطة ، والعمدة في المقام روايتان معتبرتان :
إحداهما : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : لا تمسك بخمرك وأنت تصلي ، ولا تستند إلى جدار وأنت تصلي إلاّ أن تكون مريضاً » (٢) هكذا في الوسائل ، والموجود في نسخ الحدائق غير الطبعة الجديدة وكذا في الذخيرة (٣) « لا تستند » بدل « لا تمسك » والمعنى واحد. وكيف كان فالخمر بالفتح والتحريك ـ : ما واراك من شجر وغيرها ، والدلالة ظاهرة.
الثانية : موثقة ابن بكير قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصلاة قاعداً أو متوكئاً على عصا أو حائط ، فقال : لا ، ما شأن أبيك وشأن هذا ، ما بلغ أبوك هذا بعد » (٤) والتعبير عنها بالخبر في بعض الكلمات المشعر بالضعف في غير محله كما لا يخفى ، والدلالة أيضاً ظاهرة كسابقتها.
لكن بإزائها عدة روايات فيها الصحيح والموثق دلت على الجواز صريحاً
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٥٩ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.
(٢) الوسائل ٥ : ٥٠٠ / أبواب القيام ب ١٠ ح ٢.
(٣) الذخيرة : ٢٦١ السطر ٤.
(٤) الوسائل ٥ : ٤٨٧ / أبواب القيام ب ١ ح ٢٠.